الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أطمئن أن أمي توفيت وهي راضية عني؟

السؤال

السلام عليكم

لقد كنت منشغلاً بإتمام دراستي، لكن أمي كانت ترفض ذلك، وتحثني على الانقطاع عن الدراسة، والبحث عن عمل كيفما كان، وذات يوم طلبت مني العمل لأنفق عليها، ويا ليتني لم أبخل عليها، لكنني رفضت وقلت لها: أتريدينني أن أصرف عليك؟ وهي غضبت، وقالت: لا أريد أن ألتقي بك في الدنيا والآخرة.

بعد مدة تصالحت مع أمي، لكن للأسف عندما ماتت كنت بعيداً عنها، ولم أرها، فلقد تحقق دعاؤها الآن ،وأنا ندمت، وأخاف ألا أراها في الآخرة، فماذا أفعل؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Souad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات إسلام ويب، أولاً: نشكر لك شعورك بالخوف من أن تكون قد وقعت في عقوق أمك واستجابة دعائها عليك، فهذا دليل على وجود خوف من الله تعالى في قلبك، ومراعاتك لحدوده وأحكامه، ولكن لا ينبغي أن يكون هذا السلوك مؤدياً بك إلى الزيادة والغلو، مما يوقعك في أنواع من الحزن والقلق.

ما دمت قد تصالحت مع أمك فقد أحسنت بعد الإساءة، والله سبحانه وتعالى يقول: (إِنَّ ٱلْحَسَنَٰاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ)، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (وأتبع السيئة الحسنة تمحها).

رجوعك إلى بر أمك والإحسان إليها يمحو -إن شاء الله تعالى- ما كان منك من الإساءة السابقة، وينبغي لك أن تعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم، والتي قال فيها: (احرص على ما ينفعك).

ينبغي أن تشغل مشاعرك وألفاظك، وتملأ أوقاتك بما يعود بالنفع عليك وعلى والدتك، فأكثر من الدعاء لها والاستغفار لها، وتوجه أنت نحو العمل الصالح الذي ينفعك، ودع عنك الاشتغال بالماضي، وما قد كان فيه.

كونك كنت بعيداً عن أمك وقت وفاتها، لا يدل ذلك أبداً على أن ما دعت به عليك أمك قد تحقق، فهذا أمر يحصل كثيراً لكثير من الناس، ومنهم الصالحون البارون بآبائهم وأمهاتهم، ففي حوادث لا تعد ولا تحصى، ووقائع لا يأتي عليها الحصر، تجد أن الشخص يموت في أرض وأبناؤه في أرض أخرى، وهذا لا يدل أبداً على عقوق ولا على غير ذلك.

نصيحتنا إذاً لك بأن تعرض تماماً عن هذه الأوهام، وتتوجه نحو الاشتغال بما ينفعك من التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، والدعاء والاستغفار لوالدتك.

علماً بأن البر بالوالدين لا ينقطع بموتهما، فصدقتك عن أمك بعد موتها أجر لك ولها، وبر منك بها، والاستغفار والدعاء لها والحج عنها إن لم تكن قد حجت وأنت قد حججت عن نفسك، فتستطيع الحج عنها، فهذا من البر، وكذا الصوم عنها إذا كان عليها صيام واجب، أو قيامك بالإطعام إن كان عليها صوم وهي عجزت عن أدائه، وكذلك أداء ما عليها من ديون أو ودائع وحقوق، وكذلك البر بأقربائها.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً