الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي كثير اللوم والانتقاد في كل شيء، فكيف أتعامل معه؟

السؤال

السلام عليكم.

زوجي رجل فاضل، وملتزم دينياً، ولكنه كثير الانتقاد بشكل غير طبيعي، ودائماً أنتظر منه النقد على أي شيء أفعله، أو أقوله، نقد ولوم وعتاب دائم، بالإضافة إلى التدخل والتحكم في كل شيء، عندما أتحدث معه في أي موضوع، أجد منه لومًا أو نقدًا، أو قرارات عنيفة ضدي، تجعلني أتخذ القرار ألا أحدثه في شيء ثانية.

المشكلة أنه يجلس في البيت كثيراً، وأعيش في نكد بسبب هذه الأمور، وفكرت في الانفصال عنه، ولكن بسبب الأولاد رفضت الفكرة، وبعد التفكير بعمق طويلًا، وجدت أن الابتعاد يكون أفضل حل، لا انفصال ولا طلاق، ولكن نعيش كما نحن، ولكن يبتعد مثلاً لظروف عمل أو غيره، عندما توجد مشكلة يريد حلها بالشكل الذي يريده، لا بالطريقة التي تناسبني في حل المشكلة.

ينظم اليوم كما يريد هو، وتحدثت معه كثيراً بخصوص تنظيم الوقت واليوم، لأنه لا يوجد لدي أي إنجازات في يومي، ولكن دون جدوى، يستيقظ في أي وقت، وينام في أي وقت، ويريدني معه في كل شيء، لا شك أن هذا شيء جميل، ولكن وقتي يضيع، ثم يطالبني بنظافة البيت، والاهتمام بالأولاد.

توجهت إلى الله بالدعاء، و-الحمد لله- استجاب دعائي، وحدثت له ظروف جعلته يغادر المنزل لفترة، وأنا سعيدة جدا بهذا الوضع، بدأت أنظم يومي، أعيش باستقرار مع أولادي، بدأت أشعر بكياني وبقدري عند أولادي، شعرت أني مسؤولة، وأي تقصير في البيت، أو الأولاد، يكون بسببي، فلا بد من تحمل المسؤولية، و-الحمد لله- يعجبني هذا الوضع، لكن لا بد له من نهاية، شعرت أكثر بما كنت أعاني منه، وأشعر بالحزن عند التفكير في عودته، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الفقيرة إلى الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

أولاً: ينبغي أن نذكّرك -أختنا العزيزة، وابنتنا الكريمة- بنعمة الله تعالى عليك، وفضله العظيم بأن يسّر لك الزواج، ويسّر لك هذا الزوج المُحب لك، الحريص على دوام مصاحبته لك، مع ما وصفت من أوصافه، من كونه رجلاً فاضلاً وملتزمًا، فهذه كلها نعم ينبغي أن تعرفيها، فتشكري الله تعالى عليها، والذي يُعينك على معرفة مقدار هذه النعمة، التفكُّر في حال عدد لا يُحصى عددهنَّ إلَّا الله من النساء اللاتي يشتكين انصراف الأزواج عنهنَّ، وإعراضهم عنهنَّ، وشدة الإهمال، وعدم الرضا بأن يبقى الواحد منهم شيئًا من الوقت مع زوجته في بيتها، وهذه ظاهرة منتشرة، فما تشتكين منه أنت، هو الشيء النادر القليل، وهو حب الزوج لمصاحبة زوجته على الدوام.

لهذا نحن نرى -أيتها الكريمة- أنك لست في شيءٍ يدعو إلى القلق، فضلاً عن أن يكون سببًا للحزن، وتفكيرك بهذه الطريقة نظنُّ أنها من مكائد الشيطان الذي يحاول أن يُنغّص بها حياتك، فإنه حريصٌ كل الحرص على إدخال الحزن إلى قلب الإنسان المسلم والمسلمة، كما وصفه الله تعالى في كتابه الكريم، فلا تسمحي لهذه المشاعر بأن تسيطر عليك، واعلمي أن وجود زوجك في بيتك نعمة كبيرة، ورحمة الله تعالى كبيرة، وهذا لا يعني عدم استثمار الأوقات في الشيء النافع، فالمسلم مأمور بأن يحرص على الشيء النافع، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (احرص على ما ينفعك).

ولكننا على ثقة تامّة من أنك لو أحسنت تدبير أمورك مع زوجك، فإنك ستجدين من الأوقات ما يكفيك لإنجاز ما تحتاجينه من الأعمال، خاصة وأن زوجك يُطالبك بمهام البيت من النظافة والاهتمام بالأولاد، وبقي شيءٌ يسير من الأعمال الأخرى الخاصة بك أنت، كتفرّغ بعض الوقت للقراءة، والإطلاع، أو ممارسة بعض المهارات التي تحتاجينها، فهذا من السهل اليسير تخصيص جزء من الوقت لممارسته، ولو بتحيُّن الأوقات التي يُشغل فيها الزوج، كاشتغاله بالنوم، أو بغير ذلك.

والمسؤولية في البيت مسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة، فلا ينبغي أن يُسيطر عليك حب التفرُّد، حتى يُكرّه إليك هذا الشعور زوجك، فالأصل في قيادة البيت أنه للرجل والمرأة مساعدة ومعاونة له، ولكلٍّ من الرجل والمرأة اختصاصاته داخل الأسرة، يقع الخلل حين يُقصّر فيها، أو يُوكلها إلى غيره، فلا تجعلي من رغباتك، وهمّتك، أن تسيطري على الوظائف التي ينبغي أن يقوم بها الأب في حق أولاده، ولا تُضيعي المهام التي أُوكلت إلى الأم داخل الأسرة.

ونظنُّ أنه من السهل اليسير -بإذن الله تعالى- عليك القيام بالمهام المطلوبة منك، وتنظيم جدولها يوميًا، إذا أخذت الأمر بهذه الطريقة التي أرشدناك إليها، من الشعور بالنعمة والفضل، وأن ما تجدينه من زوجك أكثره شيءٌ إيجابي، وليس سلبيًّا، وأن السلبي يمكن أن يُعالج بهدوء ورويّة، وأنه يمكن استغلال أوقات انشغال زوجك عنك، إلى غير ذلك من التدابير التي تمكّنك من تحقيق ما ترغبين فيه.

نسأل الله تعالى أن ييسّر لك الخير، وأن يُجري على يديك النفع، وأن يُديم الألفة والمحبة بينك وبين زوجك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً