الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخجل من أن أنهى محارمي عن التبرج، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أريد جواباً لهذه المسألة، فأنا بعمر 21 سنة، وأعيش مع خالتي منذ أن كنت بعمر ٣ شهور، وعائلتي مثل أمي وأبي وإخوتي ذهبوا إلى بلاد الغرب، وهم يلبسون لباساً غير محتشم، ويتبرجون، وأنا أخجل أن أتكلم معهم في هذه المسألة، في التبرج أو غير ذلك.

أخجل حتى من أن أتكلم معهم بشكل طبيعي، وأنا صراحة أحب خالتي التي ربتني أفضل من أمي التي ولدتني، لأن خالتي علمتني الصلاة، والابتعاد عن الحرام.

هل أنا عاق لوالدي، وهل أعتبر ديوثاً -عياذاً بالله-؟

أريد جواباً في أسرع وقت، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Rapido حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب مجددًا.
نشكر لك تواصلك معنا، ونهنئك أولاً بما مَنَّ الله تعالى به عليك من تهيئة وتيسير مَن يُربّيك التربية الحسنة، ويعوّدك على القيام بفرائض الله تعالى واجتناب محارمه، فهذا من فضل الله تعالى العظيم عليك، فاشكر هذه النعمة بالقيام بالفرائض واجتناب المحرمات، واشكر أيضًا لوالديك اللذيْن كانا السبب في وجودك في هذه الحياة، ولا تُقصّر في بِرِّهما والإحسان إليهما، فإن الله تعالى أمر الولد بمصاحبة الوالدين بالإحسان، والمعروف، مهما بلغت إساءة الوالدين إليه، فقال سبحانه وتعالى: {وإنْ جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا}.

البر - أيها الحبيب - معناه: إدخال السرور إلى قلب الوالد، الأب أو الأم، بما تقدر عليه من الأقوال أو الأفعال، ونظنّ - أيها الحبيب - أن من أهم ما ينبغي أن تقوم به من البر بالوالدين تذكيرهما بالله تعالى، وتذكيرهما بالجنّة وما فيها من الثواب للطائعين، وبالنار وما فيها من العقاب للعاصين.

إذا أحسنتَ التواصل مع والديك وأحسنت إيصال هذه الذكرى إليهما فإنك بذلك ستكون قدمت لهما بِرًّا عظيمًا وخيرًا كثيرًا، ولعلّ الله سبحانه وتعالى أن يجعل لكلماتك طريقًا إلى قلوبهما فَيَصْلِحوا ويصلح دينهم، فلا تبخل عليهم بذلك، ولا تتردد فيه.

أُمُّك وإنْ قصّرتْ في تربيتك فإن إحسانها الكبير إليك لا يُسقطه هذا التقصير، فهي التي حملتك في بطنها، وعانتْ أوجاع هذا الحمل، ثم عانت ما عانت من أوجاع الوضع والولادة، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا حملته أُمُّه كُرهًا ووضعته كُرهًا}، وقال: {حملته أمه وهنا على وهنٍ}، فتذكّر إحسان أُمّك إليك، وذلك يدعوك إلى حُبِّها ومعرفة قدرها، وهذا لا يعني تقليل ما قامت به خالتك من الإحسان إليك وحُسن تربيتك، وحُبُّك لها دليل على خيرٍ عظيم فيك، والخالة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها بأنها بمنزلة الأم، فهي أُمُّك أيضًا، ولكنَّ حقوقها في البِرِّ أقلّ من حقوق أُمّك التي ولدتك.

حاول أن تُحسن إلى أُمِّك وخالتك بما تقدر عليه، وكلُّ ذلك في أعمالك الصالحة.

أمَّا هل أنت عاق وهل تُعتبر ديُّوثًا؟ فالعقوق ضد البرّ الذي ذكرناه، ومجرد أنك تستحي من التواصل مع والديك وتخجل من التكلُّم معهم دون أن تُقصّر فيما تقدر عليه من حقِّهم إذا احتاجوا إليك؛ فهذا الذي يسعك، ولا تُعتبر ديوثًا، لأن الدّيوث مَن يرضى الفاحشة في أهله، أمَّا مجرد خجلك من أن تتكلّم عنهم في شأن الحجاب، فهذا لا يجعلك ديوثًا داخلاً في الحديث الوارد في الوعيد الشديد للديوث، ولكن مع هذا ينبغي أن تحرص كل الحرص على إصلاح أسرتك، فهم أولى الناس بمعروفك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك وييسر لك كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً