الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استمرار البلاء بعد التوبة النصوح وترك المعاصي ما سببه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 31 عاماً، ارتكبت الكثير من الذنوب، وكان بعضها من الكبائر، ثم ابتليت منذ شهرين، ومن ذلك الحين -بفضل الله- أقلعت عن كل ما هو محرم، وما لا يرضي الله، وتبت توبة نصوحاً من هذه الذنوب، وبدأت في عمل الصالحات، والحفاظ على الصلاة مع الجماعة، وصلاة الفجر -الحمد لله-، وفقني الله إلى هذه التوبة، ولكن ظناً مني أن هذا البلاء الذي نزل بي كان بسبب الذنوب التي ارتكبتها، ومنذ أن أقلعت عن هذه الذنوب كما ذكرت منذ شهرين، والابتلاء حاضر ولم يذهب، هل هذا دليل على عدم قبول التوبة من الله عز و جل، أم أن طريق التوبة صعب وبه اختبارات ليعلم الله صدقي من كذبي فيها؟

أريد أن أحدثكم عن ذنوب الخلوات التي كانت من ضمن ذنوبي قبل التوبة، فقد كنت أقوم بذنوب الخلوات بكثرة، ولكن الآن عندما أكون في خلوة وتأمرني نفسي بفعلها أتذكر الابتلاء الذي أنا فيه، والتوبة التي عزمت عليها فأتراجع، ولا أعرف هل التراجع بسبب الابتلاء والخوف من أنه لن يزول، أم أنه بسبب التوبة مهما طال البلاء؟ لا أفهم نفسي، ومرات كثيرة كان اليأس محيطاً بي، ونفسي تحدثني بأن ما أفعله بلا فائدة، والبلاء لن يزول مهما فعلت، أريد نصائحكم.

بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mostafa حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إعلم -أخي الكريم- أنه قد يتوب العبد وتقبل توبته، ولكن يستمر البلاء لما في ذلك من حكمة يعلمها الله تعالى، وقد حدث ذلك مع أبينا آدم -عليه السلام-، فقد قبل الله عز وجل توبته: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، ومع ذلك هبط هو وذريته إلى الأرض، ولم يرفع عنهم البلاء، فلا يلزم رفع البلاء عن العبد بكون توبته لم تقبل، أو لتقصير أصاب استغفاره.

والبلاء ليس عقوبة في كل الأحوال: فقد يكون البلاء رفعة للدرجات، وقد يكون اختبارًا وامتحانًا، وقد يكون تمحيصًا، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط).

ونصيحتي لك -أخي الكريم-: عليك بالدعاء، فإن أعجز الناس من عجز عن الدعاء، ودعاء الله تعالى من أعظم الوسائل التي يحصل بها العبد على المطلوب، وسؤاله رفع البلاء لا ينافي الصبر كما دعا أيوب -عليه السلام- بأن يكشف الله عنه ما مسه من الضر.

إن علاقة العبد مع ربه الجليل لا تخضع للحسابات المادية ولا الدنيوية، فأحيانا يمنع عنك شيئاً فيه إفساد لك، وأحياناً يمنحك ما يبتليك به ويختبرك، وعليك في كل الأحوال الرضا وعبادته، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).

وفقك الله لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً