الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في توتر واكتئاب دائمين!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أكتب إليكم لأنني يئست، ولا أجد بعد الله من أشكو إليه وأستعين به، فأعاني من الرهاب الاجتماعي منذ ما يقرب العشرين عاماً، لا أستطيع الحديث مع الناس، وأفتقد الجرأة في كل شيء، وبسبب ذلك أعيش في توتر واكتئاب دائمين.

لا أحد يفهمني، وجميع الناس -بمن فيهم أسرتي- يعاملونني باحتقار وسخرية، والبعض يعتقدني مغروراً أو متكبراً؛ لأنني دائماً صامت لا أتحدث مع أحد، ليس لدي طموح أو رؤية، لأنني لا أستطيع فعل شيء.

لا أمتلك الجرأة لإيجاد عمل، وليس لدي طموح، حتى في الزواج، رغم حديثي الدائم للجميع بأنني لا أستطيع الذهاب للمناسبات الاجتماعية والتحدث، إلا أن الجميع لا يصدقني ويعاديني!

لا أجد العلاج، ولا يتركني أحد في حالي، والله لا أعرف ما أفعل! كأن الله غاضب علي، أو كأن هناك خطباً شنيعاً بي، صرت أتمنى الموت؛ لأنني لا أعيش الحياة، جربت بعض أدوية النفس كأنافرانيل، لكنني لم أستطع الاستمرار عليه لتكلفته، ولأنه سبب لي الخمول الشديد، كما أنني لم أر نتائج منه.

حاولت تجريب العلاجات العملية، كمحاولة الحديث مع الناس والخروج، لكن ينتهي الأمر دائماً بإحراج نفسي، كأنني لست بشرياً لا أستطيع التحدث بأريحية مع الناس ولا عمل شيء! لا أحد يفهمني أو يصدق مشكلتي، لا أستطيع تحقيق أهدافي، ولا الاستمتاع بالحياة، والله أتمنى الموت ويكون الله راضياً عني فقط، مضى من حياتي ما يقرب نصفها ولا أجد حلاً!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صابر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- عبر إسلام ويب، ونشكر لك كتابتك إلينا، بالرغم من صعوبة الكتابة بسبب الحالة النفسية التي أنت عليها، إلَّا أنك ومع ذلك -ولله الحمد- استطعت أن تُعبّر عن نفسك بشكل جيد. والواقع فقد قرأتُ سؤالك عدة مرات لأرى السطور وما بين السطور كما يُقال.

لا شك -أخي الفاضل- أن ما ذكرته مؤلمٌ، وخاصة أنك تعاني منذ عشرين سنة، وأنت الآن في الثانية والثلاثين من عمرك، أي منذ كان عمرك 12 سنة وأنت تعاني من هذه الحالة النفسية.

أخي الفاضل: لا شك أنك تحتاج إلى تشخيص مناسب وعلاج مناسب، سواء كان العلاج الدوائي فقط، أو العلاج الدوائي مع العلاج النفسي أو السلوكي، وأنا أقدّر أنك جربت الأنفرانيل، وهو من مضادات الاكتئاب القديمة، إلّا أنك لم تستجب عليه -كما ذكرتَ- وبالتالي أوقفته، بالإضافة إلى تكلفته.

أخي الفاضل: الاكتئاب النفسي مع أنه أصبح منتشرًا، ولكنه يسهل علاجه، فقد تطورت الأدوية النفسية المضادة للاكتئاب بشكل كبير، خلال العشرين سنة الماضية.

أخي الفاضل: أنا أقدّر كتابتك إلينا أنك تُريدُ أن تخرج من هذه الحالة النفسية، وتعود لتعيش حياةً فقدتها كل هذه السنوات الطويلة، معانيًا من الاكتئاب والرهاب الاجتماعي والعزلة، حتى وصلت إلى مرحلة تمنّي الموت لا قدّر الله.

أخي الفاضل: نريد أن نخرج من هذا الحال، كيف؟ يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: (تداووا عباد الله فإن الله ما أنزل من داءٍ إلَّا وأنزل له دواء، فإذا أصاب الدواء الدَّاء برئ بإذن الله)، وهذا - أخي الفاضل - ينطبق على الأمراض النفسية كما ينطبق على الأمراض العضوية، فنصيحتي لك أن تذهب إلى الطبيب النفسي عندكم في هولندا ليقوم بفحص الحالة النفسية، واطلب منه أن يصف لك أحد الأدوية النفسية المضادة للاكتئاب، والتي هي من مجموعة الـ (SSRI)، أدوية مضادة للاكتئاب، خفيفة، قليلة الأعراض الجانبية، وهناك عددٌ منها، وبإذن الله ما هي إلَّا أسابيع وستبدأ تشعر بخفّة الاكتئاب، وتبدأ تشعر بالانطلاق والرغبة في الحياة، بإذن الله.

أرجو ألَّا تتعجّل وتكون قليل الصبر مع الدواء، وأن تتحلى بشيء من الصبر حتى تخرج مما تعاني منه، فما عانيت منه منذ عشرين سنة اصبر عليه عدة أسابيع، وستشعر بالتحسُّن الكبير بإذن الله تعالى.

أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والسلامة، وأن نسمع أخبارك الطيبة بإذن الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً