الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع مراجعة الطبيب لعلاج البوليميا، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا الفتاة المصابة بالبوليميا، أرجوكم هل لديكم حل بدون الطبيب النفسي أو الأدوية؟ لأني في الوقت الحالي لا يمكنني مراجعة طبيب نفسي؛ نظراً لأن والديّ لن يفهما هذه الحالة لأنها ليست معهودة في بلدي.
أفيدوني جزاكم الله خيراً؛ فأنا يائسة خصوصاً بعد إجابتكم السابقة على استشارتي الماضية:

مشكلتي أنني منذ صغري وأنا أعاني من وساوس الزيادة في الوزن؛ فكنت دائماً أحاول أن أتبع حمية معينة فأخفق، ثم أحاول من جديد وأحرم نفسي ولكن بدون جدوى! إلا أن شهيتي بدأت تزداد كلما اتبعت حمية، فوجدت نفسي في مأزق؛ وهو أنني آكل كثيراً بل أسرف في الطعام، وآكل كل ما أجده وأبتلعه بسرعة، حتى تمتلئ معدتي إلى آخر نفس، وحينئذ أقول لنفسي: هذه آخر مرة ولن أكررها، ولكن أكررها مرة ثانية!

وفي اليوم التالي أو الذي يليه أفعل جميع الطرق؛ لأتخلص من هذا المرض، فأنجح لأيام معدودة يمكن أن تصل حتى إلى 3 أسابيع، لكن أكررها بعد ذلك! هذا المرض يدعى بالفرنسية: (La boulimie).

والشيء الذي يؤلمني ويحطمني أكثر، هو غضب الله علي بسبب معصيتي له؛ لأني أسرف في الطعام وأحطم صحتي، حيث إنني بعد أكل تلك الكمية من الطعام، أصبح وبطني يؤلمني، مع العلم أن هذه الحالة تصيبني أكثر في المساء.

أفيدوني جزاكم الله خيراً، وأرجو أن تجيبوني مباشرة وأن لا تحيلوني إلى استشارة أخرى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً: البوليميا أو اضطراب تناول الطعام العصابي -كما يسميه البعض- تتطلب قوة الإرادة، وأهمية الطبيب والأدوية هي أن تسهل للإنسان ذلك.

الطريقة التي يمكن أن تساعدي نفسك بها، هي أن تقومي بتسجيل كل الممارسات والتصرفات غير السليمة فيما يخص تناول الطعام، ولا بد أن تكوني متجردة وصادقة جدّاً مع نفسك، ثم بعد ذلك قومي أيضًا بكتابة الطرق أو الممارسات الصحيحة التي تمارسينها الآن.

فالمشكلة الأساسية في البوليميا -كما نعلم- هي تناول الطعام المفرط، ثم بعد ذلك الترجيع مع الاحتفاظ بالوزن.

إذن الخطوة الأولى هي: أن تأكلي مع بقية الناس، هذا علاج ذاتي ممتاز، أن تشترطي على نفسك، وتشترطي على أهل بيتك –على سبيل المثال– أنك لن تتناولي أي طعام وحدك -حتى كوب الشاي لا بد أن يكون معك أحد- ثم تبدئي مع بقية أعضاء الأسرة في تناول الطعام وتتوقفي حين يتوقفون، ولا بد أن يكون عدد اللقيمات التي يتم تناولها مماثلة لما هو متوسط بين أعضاء الأسرة، هذه طريقة طيبة جدّاً، وبعد ذلك تحتمين على نفسك أنك لن تقومي بإرجاع الطعام، هذا ضروري جدّاً أيضاً.

إذن هذه هي الطريقة العملية التطبيقية، وفوق ذلك لا بد أن يكون لك العزم المطلق، أن البوليميا تضر الفتاة في صحتها النفسية، وسمعتها، وفي أشياء كثيرة لا ترضاها لنفسها أبداً.

هنالك أمر مهم جدّاً وهو الأدوية، أنت قلت أنك تريدين العلاج بدون طبيب نفسي أو أدوية، هذا بالطبع ربما يكون فيه نوع من الاستحالة، وإن كنت قد أعطيتك الإرشاد النفسي اللازم، ولكن البوليميا تتطلب المساندة الطبية، وتتطلب التواصل؛ لأن كثيراً من مرضى البوليميا لديهم صعوبات أخرى، واحتقانات نفسية أخرى، ليس الطعام أو تناول الطعام جزءاً منها، إنما هنالك الكثير من الأمور الإرشادية المفقودة في حياة مرضى البوليميا، وأنا أتفهم صعوبة وصولك إلى الطبيب، ولكن ليس هنالك استحالة في تناول الدواء، والذي سوف أصفه لك.

فالدراسات تدل -وهي دراسات معتبرة- أن البروزاك هو أفضل دواء لعلاج البوليميا، والبروزاك دواء مشهور لعلاج الاكتئاب، ولكنه وجد أيضاً أنه ممتاز لعلاج البوليميا؛ حيث يعتقد أن هنالك خللاً في مادة كيميائية تسمى السيترونيل لدى مرضى البوليميا، ومن أشهر المرضى الذين تناولوا هذا العقار أميرة ويلز السابقة (الأميرة ديانا) فقد كانت تتناول هذا العقار، وقد عانت من البوليميا في فترة من حياتها، ويمكنك الحصول على هذا الدواء بدون وصفة طبية.

إذن ابدئي تناول البروزاك بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة بعد ذلك إلى كبسولتين بعد مرور أسبوعين من البداية، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى ثلاث كبسولات، وذلك بعد شهر من بداية تناول الكبسولتين، و60 مليجرام أو ثلاث كبسولات هي الجرعة المطلوبة لعلاج البوليميا.

ومدة العلاج على هذه الجرعة يجب أن تكون سبعة أشهر، ثم بعد ذلك تبدئين في تخفيض هذا الدواء بمعدل كبسولة كل شهرين حتى تتوقفي عنه.

نسبة نجاح علاج البوليميا عن طريق البروزاك هي 70% وهي نسبة عالية جدّاً، فأرجو اتباع الإرشاد السابق، وأرجو تناول هذا الدواء، وأرجو أن تكون عندك القناعة النفسية الداخلية، فهنالك دفاعات نفسية سيئة استعملها مرضى البوليميا وهي النكران والتبرير، النكران الداخلي الذاتي، بأني سوف أتوقف وسوف أكون أفضل ولا مشكلة أساسية لديَّ، واتباع السرية في تناول الطعام، وكذلك التقيؤ أو الترجيع، هذه الممارسات كلها يجب أن تقف، ويجب ألا يكون هنالك نوع من النكران أو التبرير لهذا الفعل.

أسأل الله لك التوفيق والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً