الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع الوالد ونصحه

السؤال

كيف أتعامل مع أبي الذي يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، وأنا -الحمد لله- ملتزم -يعني أي شيء أرجعه إلى الله ورسوله- أنظر إلى أختي وهي تخرج من المنزل في حكم المتبرجة، فأفتح المصحف لأرى الله يقول: بسم الله الرحمن الرحيم ((وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ))[النور:31] صدق الله العظيم، إلى آخر الآيات في سورة النور، فتصبح أختي متبرجة في حكم آيات الله.

لكن أبي -إنا لله وإنا إليه راجعون- لا ينفذ كلام الله، ويقول لي: هي لابسة، اترك التعصب الذي أنت فيه، وهذا موقف من الكثير من المواقف التي أتعرض لها مع أبي، وأنا سأنفذ كلام الرسول: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه).

أبي يقول لي: ما هذا الذي تعمله؟ كيف وأنا أطبق تعاليم الإسلام كلها -الحمد لله- وأنفذها! فبالتالي أكون غريباً، أنا أريد أن أفهم أبي! للأسف أبي يفكر أنه على الصحيح، وأنا كل شيء أحسبه بميزان الدين ويكون أبي فيه مخطئ، فماذا أعمل؟!

وهناك مشكلة الزواج، أنا الحمد لله أريد أن أظفر بذات الدين كما قال حبيبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكن أبي ليس عنده دين أصلاً، وكل الزواجات في العائلة زواجات شهوة، ماذا أفعل كي يرضى بذات الدين، وأنا أمامي سفر إلى السعودية أسافر كي أجهز نفسي للزواج.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فكم نحن فخورون بشباب يريد أن يطبق الإسلام، ويمشي على خطى وهدي رسولنا خير الأنام، ونسأل الله أن يسددك وأن يأخذ بكم إلى الأمام، وأن ينفع بك المسلمين والإسلام.

ولا يخفى على أمثالك أن لكل والد حقاً البر والإحسان، فهم سبب وجودنا بعد الله، وهم أعظم الخلق حقاً على الإنسان مع الأم التي هي منبع الحنان؛ ولذلك فنحن نتمى أن تزيد في بره وطاعته حتى يشعر بعظمة الالتزام، واشكره على اجتهاده في تربيتكم، وأعلن له إعجابك بصفاته الجميلة، ثم ذكره بأن هذا الجمال يحتاج إلى إكمال، وذلك بأن يجتهد في تطبيق أحكام الإسلام، وحاول كسب الوالدة إلى صفك، وأحسن إلى شقيقتك قبل نصحها، واختر لنصائحك مع الجميع الألفاظ الجميلة، والأوقات المناسبة.

أما إذا كان المنصوح هو الوالد أو الوالدة فلابد من تلطيف للعبارة، وأسوتنا في ذلك خليل الله إبراهيم -عليه وعلى نبينا صلاة ربنا الجليل- وقد نقل القرآن أدبه الجميل، فقال ربنا في التنزيل: (( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا)) [مريم:41-45] فتلاحظ أنه خاطبه بلطف وكرر عبارة ((يَا أَبَتِ))[مريم:43] في موعظته، وهي تدل على الشفقة والاهتمام واللطف والاحترام.

ونحن نتمنى من شبابنا الملتزم أن يكون مصدر رحمة وشفقة على أهله، وأن يظهر لهم سماحة الالتزام بهدي خير الأنام، وأن يكون معهم مثل الطبيب الناجح الذي يحب مرضاه ويلاطفهم ويبدأ بعلاج أخطر الأمراض قبل غيرها.

وإذا تمكنت من تلطيف الجو مع والدك وأحسنت الاختيار فلن يقف في طريقك؛ لأنك أنت الذي سوف تعيش مع زوجتك، ولا تقصر في حق أسرتك قبل الزواج ولا بعده، وأرجو أن تعلم أنه ليس من الحكمة أن تقول أبي ليس عنده دين، فإنها عبارة قاسية حتى لو كنت صادقاً فيها، ولا أظن أن الأمر يخلو من المبالغة.

وأرجو أن تدعو لوالدك وأهلك قبل دعوتهم إلى الله وبعدها، واحرص على أن تكون قدوة حسنة، ولا تظهر لهم أنك أعلم وأفهم منهم، واجعل نصائحك لكل واحد على انفراد؛ فإن ذلك أدعى للقبول، ولا تنصحهم لحظة انهماكهم في المعاصي، فإن الشيطان حاضر وسوف يحرضهم عليك، واتق الله وأشغل نفسك بذكره.

ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يلهمك رشدك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً