الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشعور بالنقص رغم التميز عن الآخرين

السؤال

السلام عليكم، وأشكركم على جهودكم الكبيرة.

مشكلتي التي أعاني منها هي الشعور بالنقص والشعور بالرهاب الاجتماعي، وهذا الشعور الذي تولد منذ مراهقتي، حيث كنت أعاني من السمنة، وكان هذا يشكل لي مأساة بالإضافة إلى شكلي لم يكن يعجبني - خاصة أن أنفي شبه أفطس -، ورغم أن العديد من الأشياء قد تغيرت فيّ، حيث أصبحت نحيفة بعد إنجابي لأبنائي، وبعد خضوعي لعملية لضيق في أحد شرايين القلب، وكذلك بعد زواجي من زوج يجدني جميلة.

رغم حصولي على شهادة عالية في الدراسة ومركز جيد في العمل لم تتمكن من الحصول عليه أي فتاة في العائلة أو في محيطي، وأعرف أن لدي مكانة مرموقة لدى الغير، سواء في العائلة أو العمل، لكن كل هذا لم يخلصني من الرهاب الاجتماعي، لدرجة أنني أفضل أن أنزل في فندق في حالة السفر على أن أزور العائلة، بل وأتحاشى أن يروني، وهذا مماثل بالنسبة لكل معارفي وحتى الجيران، وتشتد في وقت المناسبات.

ما رأيكم؟ وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رقية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الشعور بالدونية أو الشعور بالنقص هو شعور خاطئ، ويسبب الكثير من القلق للإنسان، ولكن - بكل أسف - هناك من يقبل بهذا الشعور في بعض الأحيان، وحين تتراكم هذه المشاعر ويزيد حجمها يكتشف الإنسان أنه قد أخطأ في حق ذاته، وهذا في حد ذاته يسبب له الشعور بالذنب والقلق والتوتر.

إذن؛ يجب أن لا يقلل الإنسان من قيمة نفسه، ويجب ألا يحقر نفسه، ويجب دائماً أن يقيس نفسه بالمقاييس الواقعية، فلا نبالغ في تعظيم الذات، ولكن في نفس الوقت يجب ألا نحقرها، هذه مبادئ أساسية وضرورية جدّاً.

أنتِ لديك الكثير من المقدرات، ولديك الكثير من الأشياء الجميلة والإيجابية في حياتك، ولكن العلة – كما ذكرت – هذا الخوف أو الرهاب الاجتماعي وكذلك الشعور بالنقص، فالإنسان إذا عرف مشكلته في نظري هذا يمثل 60 أو 70% من الحل..

إذن الحل المطلوب هو التغيير الفكري، أو ما نسميه بالتغيير المعرفي.. فاستبدلي هذه الأفكار السلبية بأفكار إيجابية.. وانظري إلى إيجابياتك وإنجازاتك.. وحاولي أن تضخمي هذه الإيجابيات والإنجازات.. وهذا سوف يؤدي إلى انكماش وانقشاع المشاعر السلبية.

بالرغم من أنك تستطيعين التفاعل في أشياء بصورة إيجابية، إلا أن مراحل ومناطق الضعف عندك أيضاً موجودة؛ لأن الخوف الاجتماعي لا يعني أن الإنسان في الأصل هو جبان أو هنالك ضعف في شخصيتك، إنما هو شيء مكتسب، ولم يعرف العلماء بالضبط الأسباب التي تؤدي له، ولكن هنالك نظريات كثيرة منها الرهبة من المدرسة في أيام الطفولة، وكذلك كثرة الالتصاق بالوالدين والحماية المطلقة، خاصة إذا كان طفلاً خاصّاً مثل أن يكون في وسط أخوات له أو البنت وسط الأولاد... وهكذا.

يعتقد أيضاً أن هنالك بعض المسارات البيولوجية أو الكيميائية التي ربما يحدث فيها نوع من التغير، وهذا التغير يؤدي إلى مزيد من الخوف.

الحمد لله توجد الآن أدوية فعّالة وجيدة لعلاج هذا الرهاب، وفي نظري أن الشعور بالنقص مرتبط لديك بالخوف الاجتماعي؛ لأن الخوف الاجتماعي يجعل الإنسان يقلل من قيمة نفسه وقيمة ذاته؛ لأنه في الأصل لا يكون فعّالاً في كثير من الأمور التي تتطلب الفعالية.

إذن؛ إذا تمكنَّا إن شاء الله من علاج هذا الخوف الاجتماعي عن طريق بعض الأدوية، وذلك بجانب الإرشاد السلوكي، سيؤدي ذلك إلى علاج الرهاب الاجتماعي ومن ثم سوف يضعف الشعور بالنقص أو الدونية.

إذن؛ أود أن أقترح لك أحد الأدوية وهو دواء جيد وسليم ومتوفر في بلادكم وهو لا يؤثر مطلقاً على القلب، هذا الدواء يعرف في كثير من دول العالم باسم (زيروكسات) ويسمى في أمريكا باسم (باكسيل)، ويسمى في المغرب باسم (ديروكسات).. أرجو أن تتحصلي على هذا الدواء، وابدئي في تناوله بجرعة نصف حبة يومياً لمدة أسبوعين، ثم ارفعيها إلى حبة كاملة لمدة شهرين.

إذا لم يحدث لك تحسن حقيقي بعد انقضاء هذه المدة فلابد أن ترفعي الجرعة إلى حبتين في اليوم، وفي هذه الحالة تستمري عليها بكل التزام لمدة ستة أشهر، ثم تبدئي بعد ذلك في التخفيض بمعدل نصف حبة كل أسبوعين حتى يتم التوقف عن تناوله.

أما إذا حدث شعور بالتحسن بعد انقضاء شهرين من بداية العلاج، فيمكن الاستمرار على نفس الجرعة لمدة ستة أشهر أيضاً، وبعدها يتم التخفيض إلى نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك نصف حبة يوم بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم يتم التوقف عنه.

هنالك وسائل اجتماعية أخرى جيدة لمحاربة وتخفيف الخوف الاجتماعي والشعور بالدونية، منها هو الانضمام للجمعيات الخيرية، والمشاركة فيما يفيد الضعفاء والفقراء والمحتاجين.. هذا أيضاً يفيد الإنسان كثيراً، وليس بالضروري أن يساعد الإنسان بالمال، فالمال ربما لا يتوفر في بعض الحالات، ولكن مجرد المشاركة والذهاب والتحدث للضعفاء يعطي للإنسان قناعات إيجابية داخلية.

لقد وجد أيضاً أن حضور حلقات التلاوة ويمكن أن تقومي بالاتصال ببعض الصديقات والزميلات وتكوِّننَّ حلقة تلاوة. هذه تؤدي إلى نوع من الانصهار والتأهيل الاجتماعي الجيد، وهي وسائل جيدة مباشرة.

الرياضة أيضاً جيدة وفعّالة، وفي مثل عمرك سيكون أفضل شيء هو المشي وسوف يفيدك في شرايين وعضلات القلب.

إذن عليك بالمواجهة والإصرار على التحسن، وتناول الدواء، وأنا على ثقة كاملة أنك ستتخلصين من كل هذه العلل.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً