الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التصاق الطفل بأمه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أعمل مدرساً وزوجتي كذلك، وأعمارنا على التوالي:42 و32 سنة، ولنا طفلان الأصغر 4 سنوات، وهو كثير الالتصاق بأمه ويفرح كثيراً بأيام العطل لتجنب الذهاب لروضة الأطفال، وكثيراً ما يفضل البقاء في المنزل على أن نخرج للنزهة سويا، وعند الذهاب إلى الروضة فإنه لا يكف عن تذكيرنا وتحديد الوقت الذي يتعين علينا أن نحضره، لدرجة أنه يبكي أحياناً ويحتج لمدرساته أننا تأخرنا عنه ولو - 4 دقائق مثلاً -، وأحياناً يوقظ أمه ليلاً - الثانية ليلاً مثلاً- ليذكرها بموعد الروضة وخاصة يوم السبت الذي يضطر فيه أن يمكث وحده في المنزل لمدة ساعتين.

وهو يرفض أن يمكث عند بعض المعارف خلال هاتين الساعتين، وعندما آتي به من الروضة فإنه لا يسأل إلا عن أمه وهل هي بالمنزل؟ فيفرح وإلا فيمتعض، ولما حاولنا أن نعوِّده النوم في فراشه بجانب إخوته - له أخت هي ابنتي من زوجة أخرى وعمرها 13سنة - لأنه اعتاد النوم بجانب أمه فإنه يستيقظ ليلاً ليعاود النوم قربها، وتكون زوجتي متعبة جراء عملها خارج المنزل فتحاول النوم مساء أو باكرا عن العادة لكن ابني لا يريد حتى يناما في وقت واحد، وعندما نطلب منه الذهاب لسريره فإنه يلح أن تنام أمه بقربه.

وعلاقته بأساتذته طيبة جداً ويحبونه، ويُعرض أحياناً عن السبورة إن لم يجلس قرب أصدقائه المفضلين، وهو ذكي وحيي - من كثرة حيائه لا يحيي الضيوف وخاصة النساء -، كما تعاني معه أمه عندما تطلب منه إنجاز أي نشاط مدرسي، فتلجأ معه للتعنيف أحياناً أو الضرب فهو ينهكها، وأما أنا فلا أحاول معه كثيراً لكي أبقى قريباً منه بعض الشيء، خاصة وأنه لصيق بأمه.

ومؤخرا نجحت في تدريسه الفرنسية بسهولة مقابل كل إنجاز تعليمي أسمح له بربع أو نصف ساعة لعب على النت، ولا يحب الأكل الذي تعده أمه ما عدا الخضرة المسلوقة والأرز على شكل سلطة ومن الفواكه الموز والتفاح، وإلا فخبز وزيت وشاي صباحاً وغداء وعشاء، ولا يمل من ذلك.

وقد اتفقت مع أمه أن تسافر مع ابننا الثاني - عمره 6 سنوات ونصف - وهو طفل ناضج بالنسبة لسنة وهما متحابان ومتشاكسان ومتلازمان، وهو فضل البقاء معي هذه المرة عوض السفر مع أمه لمنزل جده، لأني أغريته بأن نسافر لمدينة مشهورة بنوادي ألعاب الأطفال، وأحسست أن قبوله البقاء معي نابع كذلك من كونه لا يرغب في مغادرة المنزل، فأمه تشتكي من كثرة ملازمته لها بشكل يعيقها خاصة مع ظروف عملها.
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Lafd65 حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن التصاق الأطفال بأمهاتهم يعتبر أمراً عاديّاً في بعض الأحيان، ولا نقول أنه عادي من الناحية التربوية، ولكن ربما يكون الطفل قد نشأ على ذلك، أي أن الطفل قد تعود في الثلاث سنوات الأولى بأن تتاح له فرصة الالتصاق الشديد وأن يقضي أكثر وقته مع أمه، والطفل بعد هذا العمر يفقد الالتصاق إذا لم تساعده الظروف، وسوف يحتجُّ ويصرخ، والبكاء والعصبية هي واحدة من وسائل احتجاج الطفل.

والأمر أمر متبادل ما بين الأم والطفل، والشيء المكتسب أو المتعلم يمكن أن يفقد الإنسان تعلمه أو على الأقل يضعفه، وأنا على ثقة كاملة أنك وزوجتك الفاضلة على علم تام بالوسائل الفعالة في هذه الحالة، وهي وسائل التدرج في أن يبتعد الطفل عن أمه، وربما تقول لي أن هذا الأمر نظريا سهل، ولكنه من الناحية التطبيقية صعب، لا .. ليس بالصعب حقيقةً، ولكنه يتطلب الصبر، ورباطة الجأش من جانب الأم، وأن لا تكون عاطفية أكثر من اللزوم.

والذي أراه هو أن تحاول والدة الطفل إبعاده عنها في أثناء النهار، على سبيل المثال أن تكون جالسة في الغرفة أو الصالة وتطلب من الطفل أو تضعه في الغرفة الأخرى، ولا مانع أبداً من أن تغلق عليه الباب لمدة خمس دقائق مثلاً، وسوف يحتج ويستنكر ذلك، ثم بعد ذلك يفتح له الباب ولكن لا تتاح له فرصة أن يلتصق بأمه ويمكن للأم هنا أن تختفي وتذهب إلى الغرفة الثانية وتتركه في المكان الذي كانت تتواجد فيه، وفي اليوم الثاني يُحجز في الغرفة لمدة أطول، نقول ربع ساعة على سبيل المثال...وهكذا.

إذن الأمر يتطلب الصلابة وعدم الانفعال الوجداني من جانب الوالدة، وأنت يجب أيضاً أن تطبق نفس المنهج.

وأما بخصوص النوم ليلاً فأنا أعترف أن هذه مشكلة، ولكنه يستعمل فيها نفس المنهج، منهج إبعاده بالتدرج، فيمكن لوالدته أن تنتظر معه قليلاً في الغرفة وبعد أن يبدأ في النوم تذهب، وإذا استيقظ ليلاً وأتى يجب أن ترجعه إلى غرفته، وهذا سوف يسبب لها بعض المتاعب في الأيام الأولى ولكن بعد ذلك سوف يحل الأمر.

والشيء الثاني هو محاولة تنمية شخصية الطفل حتى نزيل عنه الاعتمادية، وهذا الطفل من فضل الله يتمتع بقدر كبير من الذكاء، وعلى ضوء ذلك يمكن أن يدرب على أشياء كثيرة، يمكن أن يعلم كيفية الاعتناء بملابسه وترتيبها، على سبيل المثال الاستحمام وحده، وأن تطلب منه أن يحضر لك شيئاً من المنزل...وهكذا، فهذه المهارات البسيطة تنمي من شخصية الطفل وتقلل اعتماديته وتجعله يتقبل أن يكون له كيانه ووجوده، وبالطبع سوف يقلل من التصاقه بوالدته.

والشيء الثالث هو أن تلجأ لمبدأ المفاجآت، فهذا الطفل يمكن أن يستوعب طريقة النجوم، وهي طريقة معروفة ومشهورة ومبسطة جداً، فتتفق مع الطفل بأنه سوف يعطى نجمتين أو ثلاث حين يقوم بأي عمل إيجابي، وحين يقوم بأي تصرف سلبي سوف تسحب منه هذه النجوم، وتتفق معه أنه سوف يستبدل عدد النجوم بهدية بسيطة كلعبةٍ محببة بالنسبة له، وبالطبع سوف تكون المكافأة بحسب ما يجمعه من النجوم، فهذه طريقة ممتازة وفعالة جداً إذا طبقت بالصورة الصحيحة.

وعموماً هذه هي الخطوط العريضة للعلاج السلوكي، وفي نظري أن الأمر إن شاء الله سوف يكون محدودا جداً وسوف يختفي بمرور الزمن.

وبالطبع لا أحبذ أن تقوم والدته بضربه؛ لأن الأمهات اللائي يقمن بضرب الأطفال بهذه الشدة يحدث لديهن إحساس بالذنب ثم بعد ذلك تبالغ الأم في مشاعرها نحو الطفل باحتضانه والالتصاق به بصورة لا شعورية، ولا مانع أن يوبخ الطفل حين يصدر منه نوع من السلوك الغير مرضي، ولكن يجب أن نميل لجوانب الترغيب.

وأخيراً أرجو أن تطمئن أن هذا المسلك من الطفل سوف ينتهي إن شاء الله، نسأل الله أن يحفظه ويجعله من الصالحين.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر بلبلب

    وضع صور كرتونية مبهجة يحبها الطفل على جدران حجرتة لتحفيذ الطفل للنوم فيها

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً