الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قسوة أهلي تركت فراغاً دفعني للتعرف على الشباب!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا إنسانة ملتزمة والحمد لله، وأبذل كل ما في وسعي من أجل أن أعيش في رضا الله والعمل على طاعته، ودائماً أحب عمل الخير ومساعدة الآخرين، وأسعى جاهدة لنيل رضا والدي؛ لأن رضا الله من رضا الوالدين، لا سيما وأني من عائلة محافظة مشكلتي بدأت منذ صغري، وهي قسوة أبي وأمي علي وعلى إخوتي لاعتقادهم أنها هي الوسيلة الأفضل من أجل تعليمنا وبناء المستقبل، وتنوعت القسوة من شتم وضرب وعقوبة.

المهم أن هذه المعاملة كانت سبباً في ابتعادنا عن بعضنا نحن الإخوة، وكذلك ابتعادنا عن أهلنا، ولكن رغم هذا لم أخالف لأهلي أمراً أو أسبب لهم المشاكل، كنت نعم الابنة والكل يشهد لي بهذا.

المشكلة هي: أن قسوة أهلي تركت لي فراغاً وإحساساً بالعزلة فأصدقائي قلائل، وكذلك معارفي إلا أنه في يوم تعرفت على شاب عن طريق الإنترنت وأشهد أنه نعم التربية وحسن الخلق، عاملني مثل أخته، واعتبرته أخاً أكبر، نصحني ووجهني إلى طريق الصواب فازدادت ثقتي بنفسي، وتقربي من أهلي وتحصيلي الدراسي كذلك، وكذلك كنت له نعم الأخت أستمع لمشاكله وأحاول حلها معه.

والآن أصبحنا مقربين جداً لبعضنا البعض، نفهم بعضنا وكأننا توائم، لكن ما يرعبني في الأمر أن تكون علاقتنا حراماً، وأنه ليس لنا الحق بالكلام مع بعضنا البعض، فأنا أخاف من غضب الله علي وعليه، ولا سيما أنه حج بيت الله، أخاف أن نكون قد خالفنا شرع الله وتعدينا حداً من حدوده.

أقسم بالله الذي خلقني أنني لا أخالط يوماً شباباً، أو أتكلم معهم إلا نادراً وذلك للاستشارة بموضوع يتعلق بالدراسة كما أنني متحجبة، وأخاف الله كثيراً، فما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فحق لنا أن نفخر بحرصك على طاعة الله ثم حرصك على بر والديك والوفاء لأسرتك، وذلك في طاعة الله، ومرحباً بك في موقعك وبين آباء وإخوان لك في الله، ونسأل الله أن يحفظك ويتولاك.

وأرجو أن تعلمي أنه ليس من حقنا ولا من حق غيرنا أن يتهم ذلك الشاب بالسوء، ولا أن نظن فيك غير الخير، ولكننا نريد أن نقول: إن الإنترنت ما كان ولن يكون وسيلة للتعارف الكامل الحقيقي، كما أن البدايات الصحيحة في العلاقات العاطفية لا تضمن لنا النتائج الشريفة؛ لأن الشيطان هو الثالث، وعندنا نماذج لانحراف العلاقات التي بدأت بالدعوة للخير والالتزام.

وقد أسعدني حرصك على البعد عن الاختلاط بالشباب وذلك دليل على أنك عاقلة وواعية ومدركة لخطورة وجود الفتاة إلى جوار الشباب، ولست أدري ما هي أبعاد تلك العلاقة، وهل بالإمكان تحويلها إلى علاقة شرعية معلنة، أم هي من أجل سد الفراغ عند الطرفين؟

ولا يخفى على أمثالك أن الإسلام يريد لعلاقة المرأة بالرجل الأجنبي أن تكون وفق الضوابط الشرعية، وفي سبيل تحقيق الأهداف الشرعية، فليس للمتحابين مثل النكاح، فهل بالإمكان تطوير العلاقة وتصويبها بأن يتقدم الشاب إلى أهلك ويطلب يدك أم لا؟ وإذا كان الأمر متعذراً فليس من مصلحتكما الاستمرار في تلك العلاقة، وأرجو أن يجد في الصالحين من يعاونه على حل مشاكله ويناصحه، كما نتمنى أن تجدي في الصالحات من تعوضك وتؤانسك، مع ضرورة أن تختاري من يخاف الله ويتقيه، واقتربي أكثر وأكثر من والديك، وأشغلي نفسك بذكر الله وتلاوة كتابه، واجتهدي في الإحسان إلى والديك.

وقد أسعدني فهمك لمقصودهم عندما قسوا عليكم، ولكن الإنسان إذا عرف مقاصد والديه التمس لهم الأعذار، واستغفر لهم ولنفسه.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ونسأل الله أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً