الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العلاج السلوكي والدوائي لمن يعانون من الخوف من الأماكن الضيقة

السؤال

السلام عليكم

أعاني منذ فترة من الخوف المرضي، حيث أخاف من الأماكن الضيقة، فما هو العلاج المناسب؟!

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن الخوف من الأماكن الضيقة هو من المخاوف الخاصة، وهو في كثير من الحالات يكون أيضاً مرتبطاً بشيء من الخوف الاجتماعي، وأيضاً الخوف من التجمعات أو الخوف من الأماكن المفتوحة أو الخوف من حالة عدم وجود الرفقة، ولكنه في حالات يكون خوفاً منفرداً.

المخاوف هي حالات نفسية مكتسبة أو سلوك نفسي مكتسب، وهي تعالج بالتأكيد عن طريق إضعاف هذا الشعور بالقيام بما يخالفه.

العلاج ينقسم إلى شقين: العلاج السلوكي، والعلاج الدوائي.

العلاج الدوائي ليس بالفعالية الشديدة أو الفعالية الجيدة في علاج الخوف من الأماكن الضيقة، أي ليس بمستوى علاج المخاوف الاجتماعي على سبيل المثال؛ حيث أن الأدوية تعتبر فعالة جداً.

بالنسبة للعلاج السلوكي، فعليك أولاً أن تعمل ما يعرف بالتحليل السلوكي، والتحليل السلوكي نعني به أن تكتب في ورقة كل الأماكن أو أنواع الأماكن التي تخاف منها، على سبيل المثال: الخوف من المصعد، الخوف من الدخول في المصعد؛ حيث أنه من الأماكن الضيقة، الخوف من الدخول في الحمام، الخوف من التواجد وحدك في الغرفة ... وهكذا.

لا بد أن تكتب كل هذه المخاوف وابدأ بالأقل ثم الأشد ثم الأشد، وهذا التحليل السلوكي يعتبر ضرورياً جداً، وبعد أن تحدد هذه المخاوف تبدأ في العلاج، والعلاج ينقسم إلى التعرض لمصدر الخوف وعدم تجنبه وتحقيره، والتفكير الإيجابي من أن هذه فكرة سخيفة ومن أن مشاعرك مبالغ فيها، حيث تذهب إلى هذه الأماكن وما يأتيك من ضيق في النفس وربما ضربات وشعور بعدم القدرة على السيطرة على الموقف، فكر أن هذه المشاعر كلها مشاعر مبالغ فيها وليست حقيقية.

التعرض في الخيال يتكون من أن تجلس في مكانٍ هادئ كما قلنا، ثم تتأمل أنك دخلت في هذا المكان الضيق، وتأمل ما هو أسوأ، تأمل أن المصعد سوف يقف في المنتصف، وسوف تنقطع الكهرباء ولن يأتي أحد إلا بعد فترة وهكذا، فعش هذا الخيال بصورةٍ عميقة لمدة لا تقل عن عشرين دقيقة، ويومياً يجب أن تعرض نفسك لأحد هذه المخاوف، أي التعرض في الخيال، ثم بعد ذلك تبدأ في العلاج التطبيقي، والعلاج التطبيقي هو أن تحاول أن تدخل الأماكن الضيقة وتكثر من ذلك، بمعدل ثلاث مرات في اليوم، ولابد أن تنتظر في داخل المكان الذي لا تطمئن فيه لمدة لا تقل عن عشر دقائق إلى ربع ساعة، حيث أن بعض الناس لا يجد صعوبة في دخول المكان بكثرة، ولكنه حين يبقى داخل المكان يحس بالقلق الشديد، والهروب من مثل هذه المواقف يؤدي إلى تدعيم وتحفيز الخوف، لذلك لابد للإنسان أن ينتظر، وحين تنتظر سوف تحس بشيء من القلق والاضطراب، وربما يرتفع المعدل قليلاً في الخمس دقائق الأولى، ثم بعد ذلك يظل الخوف على ما هو عليه، أي لا يزيد، ثم بعد ذلك يبدأ في التحرج والقلة حتى ينتهي، هذه هي الخارطة السلوكية للنوع من المخاوف الذي تعاني منه.

في بعض الحالات نقول للأخ الذي يعاني من المخاوف أن يصطحب معه أحد الأشخاص، ولكن لابد أن يكون هذا الاصطحاب فقط في المراحل الأولى، أي حين تبدأ في التعرض لمصدر الخوف يظل هذا الشخص لفترة وجيزة، ثم بعد ذلك لابد أن يذهب سبيله.

إذن أخي هذه هي طرق العلاج، ابدأ في الخيال، ثم بعد ذلك ابدأ في التطبيق العملي، والتطبيق العملي لابد أن تجبر نفسك، وصدقني أنك سوف ترتاح في نهاية الأمر.

الإنسان أيضاً إذا مارس تمارين الاسترخاء، خاصةً تمارين التنفس، والتي تتمثل في أخذ نفس عميق وبطيء يملأ الإنسان صدره بالهواء، ثم يقبض عليه، ثم بعد ذلك يخرجه ببطء وشدة أيضاً، هذه التمارين مارسها وحدك في البيت وبمعدل ربع ساعة في اليوم، وكذلك حاول أن تأخذ نفساً عميقاً حين تكون مقدماً على الدخول في أحد هذه الأماكن الضيقة، فهذا إن شاء الله أيضاً سوف يساعدك كثيراً.

بالنسبة للعلاج الدوائي، وهناك عقار يعرف باسم فافرين، وهو من الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب والوساوس والمخاوف بصفةٍ عامة، ربما تكون له بعض الفعالية في علاج الخوف من الأماكن الضيقة، ولكن كما ذكرت لك لا تعتبر فعالية الأدوية في مثل هذا النوع من الخوف بمثل فعاليتها في المخاوف الأخرى، لكن عموماً لا بأس من أن تجربه حيث أنه دواء سليم، وربما يعطيك الإقدام والرغبة في ممارسة التمارين السلوكية السابقة.

جرعة الفافرين هي 50 مليجرام ليلاً كجرعة بداية، تتناولها يوميّاً لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى 100 مليجرام، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبةٍ واحدة أي 50 مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم توقف عن تناولها.

هذا هو العلاج الذي أراه إن شاء الله سوف يكون مجدياً وفاعلاً بالنسبة لك، ولا مانع أبداً من أن تتقدم وتأتي إلى العيادة النفسية ما دمت موجودا في دولة قطر فهنالك الكثير من الأخصائيين النفسيين الذين يساعدون في علاج مثل هذه الحالات.

أسأل الله لك الشفاء والتوفيق.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فلسطين المحتلة سرور

    تلصتت منه صدققهه استغغففز قررآنن مؤثرات تجاهل الخوف أقرء ألم نشرح ل صدرك الا آخر ألصوره اكثر من الحوقله تنفس عميق ثلاث مرات اكثر م الاستغفار

  • السعودية علي الغزواني

    جزاك الله خير واسال الله لك التوفيق

  • بلجيكا نورو

    السلام عليكم
    انه ليس من السهل التطبيق الميداني ففي حالتي مثلا مجرد التفكير في التواجد في تلك الاماكن يرعبني ويحسسني بالفشل في الاطراف السفلية لدرجة قرب السقوط ارضا

  • مصر ragya

    جزاكم الله خيراااا

  • وجدان طهري

    عند قرائتي للمقال الذي يتضمن طريقة العلاج لم أستطع اكماله إلا بصعوبة. فدموعي سبقتني. فهذا المرض النفسي يحطمني.

  • المغرب عبد الرزاق

    لم اتصور نفسي ضعيف امام شيء كرهاب الاماكن المغلقة والمزدحمة فهو يربكني ويجعل في قلق لا متيل له

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً