الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما التصرف في حال رفض الوالد الخاطب لكون جدة والده أمه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

تقدم لي شاب ذو خلق ودين، كما أن أهله من أناس نعرفهم، ولكن علم والدي أن جدة والده كانت (أمة)، فرفض والدي لذلك السبب، فهل هذا سبب يدعو للرفض؟ وهل هذا شيء موجود في الإسلام؟

علماً بأنهم أناس متدينون، فهل يوجد أمل في موافقة والدي إذا تقدم لي مرة أخرى؟ مع أني لا أجد في ذلك سبباً للرفض.

أفيدوني وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الله سبحانه يقول: ((إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم ))[الحجرات:13]، وقد تخلص الناس بالإسلام من عصبية الجاهلية وظلماتها، وتزوج بلال رضي الله عنه أخت عبد الرحمن بن عوف، وتزوج زيد بن حارثة من زينب بنت جحش وهي من هي شرفاً ورفعة، وذهب بلال وسلمان إلى بعض بيوت العرب وقالوا: (كنا مملوكين فأعتقنا الله، وكنا ضالين فهدانا الله، وكنا فقيرين فأغنانا الله، فإن تزوجونا فالحمد لله، وإن تردونا فسبحان الله!)، فقيل لهما: بل تزوجان والحمد لله.

وأرجو أن يعلم الجميع أن الناس لآدم وآدم خلق من تراب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (لينتهين أقوامٌ يفتخرون بآبائهم أو ليكونن أهون عند الله من الجعلان) وهي من أصغر الحشرات، وقد أحسن من قال:
الناس من جهة الآباء أكفاء أبوهم آدم والأم حواء
فإن يكن لهم من أصلهم شرف يفاخرون به فالطين والماء

وإنما يرتفع الإنسان بعلمه وإحسانه وتقواه لله، ولذلك قيل:

ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاء
فقم بعلم ولا تبغي به بدلاً الناس موتى وأهل العلم أحياء
ومقدار كل امرئ ما كان يحسنه والجاهلون لأهل العلم أعداء
وأبلغ من كل ذلك قول ربي جل وعلا: (( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ))[الحجرات:13]، وقد أحسن من قال:

لقد رفع الإسلام سلمان فارس ووضع الشرك الشريف أبا لهب

ونحن نتمنى أن يكثر الشاب المحاولات وأن يدخل الوساطات وأن يطلب مساعدة أهل العلم والفضل والوجاهات، وأرجو أن تكثروا من التوجه إلى من بيده الخيرات، كما أرجو أن تحسنوا الاعتذار وتتجنبوا ما فيه إحراجٌ للناس؛ فإن ذلك يغضب رب الأرض والسماوات.

وكم تمنينا أن يدرك الناس أن الكفاءة الحقة إنما تكون بالدين والصلاح، وإذا وجد القبول والارتياح فليس الوقوف في طريق الخير إصلاح، والأنساب والأحساب لا تغني عند الله شيئاً إذا لم يصحبها دين وخوف من الله، وحق لنا أن نقول لكل متعلق بظلمات الجاهلية ما قاله الأول:
كن ابن من شئت واكتسب أدباً يغنيك محموده عن النسب
ونقول له:
لئن فخرت بآباء ذوي نسب قلنا نعم لكن بئس ما ولدوا

وها هو ذا هتاف سلمان رضي الله عنه يتردد صداه في الآفاق، حين قال رضي الله عنه :
أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بضرورة إدارة هذه الأزمة بهدوء، وأرجو أن تجدي من أهلك الفضلاء من يتدخل لإقناع الوالد، وعليك بكثرة الدعاء، ونتمنى أن يكون للشاب إصرار، وأن يتحمل ما يلحقه من الأذى، ونسأل الله أن يجمع بينكما على الخير.

وبالله التوفيق والسداد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً