الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التخلص من عادة تبرير الأخطاء

السؤال

أطلب منكم مساعدة على التخلص من عادة (تبرير الأخطاء).
أعينوني يا إخواني في الله بنصحكم أو مواضيع تخص هذا الموضوع، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يرزقك اتباعه، وأن يقيك كيد الشياطين.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فكما لا يخفى عليك أننا نتأثر بالتربية التي تلقيناها في بيوتنا وأسرنا ونحن صغار، يضاف إلى ذلك ما تعلمناه من الأهل والشارع والمدرسة ووسائل الإعلام، هذه المؤسسات كلها تكون أخلاقنا ومعلوماتنا وثقافتنا، فإذا كانت هذه المؤسسات أمينة علينا وملتزمة بقيم الإسلام ومبادئه وأخلاقه تعلمنا الإسلام كله بسهولة ويسر، وأصبحنا نطبق الإسلام عملياً بدون مشقة، أما إذا كانت غير أمينة وليست على مستوى المسئولية خرجنا إلى الحياة ونحن نحمل معنا كثيراً من الأخلاق المريضة والتي تعاني منها الآن أشد المعاناة، ومن تلك الأمراض مرض تبرير الأخطاء، فإنه من الأمراض التي نرثها من تلك المؤسسات أو بعضها، حتى أصبحت صفة مزعجة كما يحدث معك الآن، وقطعاً ليس من السهل أن تتخلص من مرض عاش معك عشرين سنة أو أقل قليلاً، فيحتاج الأمر منك إلى بذل مجهود غير عادي ومقارنة وانتباه ويقظة؛ لأن مثل هذه الأمراض التربوية علاجها في المقام الأول يقع على عاتق الشخص نفسه؛ لأنه هو الذي يستطيع أن يحدد حجم المشكلة وسنها، وحتى تنجح في ذلك عليك بالآتي:

1- الانتباه الشديد لكلامك حتى ولو كنت مازحاً.

2- الحرص على الواقعية وعدم المبالغة مهما كان الموقف.

3- تحري الصدق والابتعاد عن الكذب مهما كانت الدوافع.

4- عدم الحياء من قول الحق، والاعتذار عن الباطل.

5- عود نفسك الاعتذار عن الخطأ ولا تستح من ذلك ولا تدافع عنه.

6- قدم حياءك من الله وخوفك من عقابه على حيائك من الناس، فإن الله أحق أن تستحي منه، وقاوم حياءك من الناس وتذكر وقوفك بين يدي الله حافياً عرياناً وهو سائلك: لماذا قدمت خلقي علي، إياي كنت أولى أن تستحي مني.

7- التأني في الأمور وعدم العجلة، واعلم أن في التأني السلامة وفي العجلة الندامة.

8- ضع نصب عينيك دائماً حق مولاك عليك، وأنه أحق أن تخشاه، فلا تجادل في باطل أنت تعلم أنه باطل؛ لأنه كما قال مولاك ((مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))[ق:18] وتذكر قول حبيبك عليه الصلاة والسلام (وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) وقوله: (وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً فيهوي بها في النار سبعين خريفاً) أعاذنا الله وإياك منها، تصور أنك كل يوم تقول كلمة واحدة ليست صحيحة أو تبرر موقفاً بالكذب والحيلة والمكر والخداع، فكم يا ترى عدد الأيام التي كذبت فيها؟ وكم عدد السنوات التي سأمكثها في النار إذا كانت الكذبة الواحدة عقوبتها سبعين سنة في النار؟

9- أنت الوحيد القادر على التخلص من هذه العادة السيئة، فخذ قراراً شجاعاً أن تقاوم نفسك بنفسك، وقل لنفسك بصوت مرتفع وقوي: لن أجاملك أبداً بعد اليوم، ولن أبرر لك أي خطأ مهما كان، فإما أن تحترمي نفسك وتستقيمي على منهج الله، وإما أن أفضحك أمام القاصي والداني وسوف أعتذر حتى للطفل الصغير وسوف أبيعك بثمن بخس ما دام ذلك في مرضاة ربي، إلى متى يا نفس وأنت تخطئين وأنا أبرر خطأك وألوي عنق الحقيقة من أجلك؟

10- تضرع إلى الله بالدعاء وألح عليه أن يعينك على مقاومة نفسك وهواك وأكثر من دعاء: (اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي) وعلى قدر صدقك في الدعاء وحرصك على الشفاء سوف يأتيك نصر الله وتوفيقه، فأرِ الله من نفسك خيراً، وابدأ من الآن ولا تتوان، ولا تقل: سأبدأ من غد، فإنك لا تدري هل أنت غداً من الأحياء أم من الأموات، وكن واثقاً من أنك ستنتصر على نفسك وستتجاوز هذه العقبة وسوف تُعافى تماماً من هذه العلة في أيام معدودات.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً