الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إصابة أبيها بمرض البهاق جعلتني أتردد في الزواج بها!

السؤال

السلام عليكم..

قبل (4) سنوات تلقيت اتصالاً من فتاة أعرفها في المدرسة ورحبت بها على أن نكون ليس أكثر من إخوة، واستمرت العلاقه فقط اتصالات وأخوة، وبعد فترة ليست بالقصيرة دخل الحب بيننا ووعدتني ووعدتها بالزواج وكلانا صادق في وعده، ولا أخفيكم أننا حاولنا مراراً قطع هذه العلاقة المحرمة لكنا فشلنا وما زلنا نتواصل إلى يومنا هذا.

علماً أن الفتاة ممن يحفظ القرآن، وأقول إنها تحبني بشدة، حتى إنها تمرض إذا تركت التواصل معها أو إذا تقدم لها أي شخص، وقد سعت هذه الفتاة للتعرف على أخواتي وأمي لتسهل لي مهمة الخطبة.
أنا أريدها حباً لها وشفقة عليها، ولكن تراودني بعض الشكوك بأن تصبح علاقتنا بعد الزواج صالحة؛ لأن نشأتها لم تكن كما أراد الله ورسوله، رغم ذلك فقد عزمت على ذلك، ولكن اتضح الآن أن أباها به مرض (البهاق) الذي يجعل لون الجلد أبيض، فأبدى والدي اعتراضاً خوفاً أن يكون المرض وراثياً فيصاب به أحفاده.

الآن أنا محتار أأتقدم لها وأفي بوعدي رغم شكوكي وخوفي من هذا المرض الذي قد يشوّه ذريتي أم أنصرف عنها رغم الحب الذي تكنّه هذه الفتاة لي وما صنعت إلى الآن من أجلي؟

وأنا لا أرى إلا أن الله قد جعل هذا المرض في أبيها ابتلاء لأن علاقتنا نشأت في معصيته.

أفتوني أثابكم الله!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجهول حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن البهاق من الأمراض التي كثرت فيها نظريات الأسباب، وإن الإجابة على السؤال: هل يؤثر البهاق على الأولاد أم لا؟ هي إجابةٌ صعبة، وتعتمد على العديد من النقاط:

1- إن (70%) من حالات البهاق لا يوجد أفراد آخرون مصابون، بمعنى أن احتمال الإصابة هو (30%) في نفس العائلة، ولكن هذا احتمال وليس يقيناً.

2- قد يكون عند مريض ابن واحد ويُصاب، وقد يكون عنده العديد من الأبناء ولا يُصاب أي منهم (بالفرضية قد يُصاب (1) من كل ثلاثة من الأبناء).
الأمر إذن هو أمرٌ قدري أكثر من أن يكون أرقاما وحسابات، وبما أنه احتمالات فما الفائدة من الخوف أو الترقب أو التوقع؟

إن كل ما ذكرناه أعلاه متعلق بإصابة الخطيبة وليس أبيها وإننا لو حولنا الجواب باعتبار أنه الأب هو المصاب لقلت كل هذه الاحتمالات أي إن إصابة أبنائكم أقل مما ذكرنا بدرجة كبيرة.

إن الحب والتفاهم والإخلاص والعيش حياة سعيدة ملؤها التفاهم والمودة لهي أغلى وأعلى وأرقى من الجفاء والحرمان والقسوة العاطفية وتكسير القلوب بسبب احتمال الإصابة بمرض سليم بنسبة ضعيفة.

وإننا لو فتحنا باب الاحتمالات لما توقفنا فمثلا بعد الخطبة قد يحدث حريق مشوه للجلد أو حادث يسبب الشلل أو غير ذلك مما لا حصر له وكله احتمالات (تخيل من يقول إنني تركت خطيبتي لأنه قد يصيبها حادث مشوه فكيف سأعيش بعده معها ؟) علماً أنه لا يوجد حادث أصلاً !

كما أنه لا يمكن أن نقول أننا لن نركب سيارة؛ لأن هناك احتمالاً أن يقع حادث مؤذ لنا، ولا نستطيع أن نمانع استعمال الطائرات لاحتمال حدوث اختطاف فالأمر كله احتمالات وليس يقيناً.
ومن ناحية أخرى فالبهاق ليس مرضاً سيئا بل هو تغير في لون الجلد ولا يؤثر على وظائف الأعضاء ولا قوتها.

استخر الله وتقدم لخطبة حافظة القرآن المحبة لك، واغفروا لأنفسكم ما كان منكم مع بعض فأنتم أولى بالتسامح ثم اسألوا الله تعالى التوبة والمغفرة فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، واعزموا على أداء فريضة الحج لتعودوا كيوم ولدتكم أمهاتكم وابدأوا حياتكم من اليوم نقية على قاعدة تقية وأصلحوا النية وأحسنوا الجهر والطوية ولا تترددوا فأنتم أولى ببعضكما من أن يخرج سركما لغيركما فيدمر حياتكما لا قدر الله.

الخلاصة:
- استخيروا الله.
- أنتم أولى ببعضكما.
- أسعدوا أنفسكم بعيداً عن الأوهام والاحتمالات.
- حجوا لله.
- ابدأوا حياة جديدة على أسس ترضي الله تعالى.
- انظروا إلى المستقبل لتبنوه ولا تلتفتوا إلى الوراء حتى تنسوه.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً