117 - باب ذكر خلافة أمير المؤمنين  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه وعن ذريته الطيبة 
قال  محمد بن الحسين  رحمه الله : 
اعلموا رحمنا الله وإياكم أنه لم يكن بعد  عثمان  رضي الله عنه أحد أحق بالخلافة من  علي  رضي الله عنه ، لما أكرمه الله عز وجل به من الفضائل التي خصه الله الكريم بها ، وما شرفه الله عز وجل به من السوابق الشريفة ، وعظيم القدر عند الله عز وجل ، وعند رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعند صحابته رضي الله عنهم ، وعند جميع المؤمنين ، قد جمع له الشرف من كل جهة ، ليس من خصلة شريفة إلا وقد خصه الله عز وجل بها ؛ ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأخو النبي صلى الله عليه وسلم ، وزوج فاطمة الزهراء  رضي الله عنها ، وأبو  الحسن   والحسين  ريحانتي النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن كان النبي صلى الله عليه وسلم له محبا ، وفارس العرب ومفرج الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمر الله عز وجل نبيه بالمباهلة لأهل الكتاب لما دعوه إلى المباهلة ، فقال الله عز وجل : ... ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم   ) . . . . 
فأبناؤنا وأبناؤكم :  الحسن   والحسين ،  ونساؤنا ونساؤكم :  فاطمة بنت رسول  [ ص: 1757 ] الله صلى الله عليه وسلم ،  وأنفسنا وأنفسكم :  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه . 
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :  "لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله" ،  ثم دعا  عليا  رضي الله عنه فدفع إليه الراية ، وذلك يوم خيبر  ؛ ففتح الله الكريم على يديه . 
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه محب لله ولرسوله ، وأن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم محبان  لعلي  رضي الله عنه . 
وروى  بريدة الأسلمي  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  "أمرني ربي عز وجل بحب أربعة ، وأخبرني أنه يحبهم إنك يا  علي  منهم ، إنك يا  علي  منهم ، إنك يا  علي  منهم" . ثلاثا . 
وسئلت  عائشة  رضي الله عنها عن  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه فقالت : "ما رأيت رجلا قط كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، ولا امرأة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته" . 
وروي عن  جعفر بن محمد  عن أبيه عن جده أن جبريل  عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال "يا محمد ؛  إن الله عز وجل يأمرك أن تحب  عليا  وتحب من يحب  عليا" .  
وروى  أنس بن مالك  قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم بطير جبلي ، فقال : "اللهم  [ ص: 1758 ] ائتني برجل يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله" ، فإذا  علي بن أبي طالب  يقرع الباب ، فقال  أنس :  إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول ، ثم أتى الثانية والثالثة ، فقال : "يا  أنس ،  أدخله ، فقد عنيته" فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "اللهم إلي ، اللهم ؛ إلي" . 
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :  "أنت مني بمنزلة هارون  من موسى" .   وذلك لما خلفه في غزوة تبوك على المدينة  ، فقال قوم من المنافقين كلاما لم يحسن ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :  "إنما خلفتك على أهلي ، فهلا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون  من موسى  إلا أنه لا نبي بعدي" . 
وقال صلى الله عليه وسلم :  "من كنت مولاه فعلي مولاه" .  
وقال صلى الله عليه وسلم  لعلي  رضي الله عنه : "لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق" . 
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :  "من آذى  عليا  فقد آذاني" . 
وقال  جابر بن عبد الله   : ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببغضهم  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه . 
وروي عن أبي عبد الله الجدلي ،  قال : دخلت على  أم سلمة  فقالت لي : أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم ؟ فقلت : معاذ الله ! فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من سب  عليا  فقد سبني" .  
ولما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه  وعلي  رضي الله عنه حاضر لم يؤاخ بينه وبين أحد ، فقال له علي رضي الله عنه في ذلك فقال : "والذي بعثني بالحق ما  [ ص: 1759 ] أخرتك إلا لنفسي ، فأنت مني بمنزلة هارون  من موسى ،  غير أنه لا نبي بعدي ، وأنت أخي ووارثي" . 
وقال النبي صلى الله عليه وسلم  لفاطمة  رضي الله عنها لما زوجها بعلي  رضي الله عنه :  "لقد زوجتك سيدا في الدنيا وسيدا في الآخرة" .  
وروى  أبو سعيد الخدري  قال : كنا عند بيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من المهاجرين والأنصار ، فخرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "ألا أخبركم بخياركم ؟" قلنا : بلى . قال : "خياركم الموفون المطيبون إن الله عز وجل يحب الخفي التقي" . قال : ومر  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "الحق مع ذا ، الحق مع ذا" .  
قال  محمد بن الحسين  رحمه الله : 
ومناقب علي رضي الله عنه وفضائله أكثر من أن تحصى ، ولقد أكرمه الله عز وجل بقتال الخوارج ، وجعل سيفه فيهم ، وقتاله لهم سيف حق إلى أن تقوم الساعة . 
فلما قتل  عثمان بن عفان  رضي الله عنه ، وبرأه الله من قتله ، وأفضت الخلافة إليه كما روى سفينة وأبو بكرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم :  "الخلافة بعدي ثلاثون سنة" . فلما مضى أبو بكر  وعمر   وعثمان  رضي الله عنهم كان  علي  رضي الله عنه الخليفة الرابع ، فاجتمع الناس بالمدينة  إليه ، فأبى عليهم فلم يتركوه ، فقال : فإن بيعتي لا تكون سرا ، ولكن أخرج إلى المسجد فمن شاء أن يبايعني بايعني ، فخرج إلى المسجد فبايعه الناس . 
 [ ص: 1760 ] 
				
						
						
