قال أبو حاتم رضي الله عنه: العاقل إذا دفعه الوقت إلى صحبة من لا يثق [ ص: 73 ] بصداقته، أو صداقة من يثق بأخوته، فرأى من أحدهما زلة فرفضه لزلته، بقي وحيدا لا يجد من يعاشر، فريدا لا يجد من يخادن، بل يغضي على الأخ الصادق زلاته، ولا يناقش الصديق السيئ على عثراته; لأن المناقشة تلزمه في تصحيح أصل الوداد أكثر مما تلزمه في فرعه.
ومن أنواع المداراة: ما حدثني الحسن بن سفيان ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن شبويه ، حدثنا الحسن بن واقع ، حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال " كانت لرجل جارية، فوطئها سرا، فقال لأهله: إن مريم كانت تغتسل في هذه الليلة، فاغتسلوا، فاغتسل هو واغتسل أهله، قال ابن شوذب: وكانت مريم تغتسل في كل ليلة ".
وأنشدني منصور بن محمد الكريزي :
أغمض عيني عن صديقي ، كأنني لديه بما يأتي من القبح جاهل وما بي جهل، غير أن خليقتي
تطيق احتمال الكره فيما أحاول متى ما يريني مفصل فقطعته
بقيت وما لي في نهوضي مفاصل ولكن أداريه، وإن صح شدني
فإن هو أعيا كان فيه تحامل


