وأما قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعا بغير أجرة ،   فهذا يصل إليه ، كما يصل ثواب الصوم والحج .  
فإن قيل : هذا لم يكن معروفا في السلف ، ولا أرشدهم إليه النبي صلى الله عليه وسلم ؟  
فالجواب : إن كان مورد هذا السؤال معترفا بوصول ثواب الحج والصيام والدعاء ، قيل له : ما الفرق بين ذلك وبين وصول ثواب قراءة      [ ص: 674 ] القرآن ؟ وليس كون السلف لم يفعلوه حجة في عدم الوصول ، ومن أين لنا هذا النفي العام ؟  
فإن قيل : فرسول الله صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى الصوم والحج والصدقة دون القراءة ؟ قيل : هو صلى الله عليه وسلم لم يبتدئهم بذلك ، بل خرج ذلك منه مخرج الجواب لهم ، فهذا سأله عن الحج عن ميته فأذن له فيه ، وهذا سأله عن الصوم عنه ، فأذن له فيه ، ولم يمنعهم مما سوى ذلك ، وأي فرق بين وصول ثواب الصوم - الذي هو مجرد نية وإمساك - وبين وصول ثواب القراءة والذكر ؟  
فإن قيل :  ما تقولون في الإهداء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟   
قيل : من المتأخرين من استحبه ، ومنهم من رآه بدعة ، لأن الصحابة لم يكونوا يفعلونه ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم له مثل أجر كل من عمل خيرا من أمته ، من غير أن ينقص من أجر العامل شيء ، لأنه هو الذي دل أمته على كل خير ، وأرشدهم إليه .  
ومن قال : إن الميت ينتفع بقراءة القرآن عنده ، باعتبار سماعه كلام الله - فهذا لم يصح عن أحد من الأئمة المشهورين . ولا شك في      [ ص: 675 ] سماعه ، ولكن انتفاعه بالسماع لا يصح ، فإن ثواب الاستماع مشروط بالحياة ، فإنه عمل اختياري ، وقد انقطع بموته ، بل ربما يتضرر ويتألم ، لكونه لم يمتثل أوامر الله ونواهيه ، أو لكونه لم يزدد من الخير .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					