الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          قوله فيه: [4757] وقال أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، أخبرني أبي، عن عائشة، قالت: "لما ذكر من شأني الذي ذكر، وما علمت به، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: في خطيبا، فتشهد، فحمد الله، وأثنى عليه (بما) هو أهله، ثم قال: أما بعد، أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي، وأيم الله ما علمت على أهلي من سوء، وأبنوهم بمن والله ما علمت عليه من سوء قط، ولا يدخل بيتي قط، إلا وأنا حاضر.... الحديث بطوله".

                                                                                                                                                                                          وقد أسنده الحافظ أبو ذر في روايتنا من طريقه، فقال: أنا به أحمد بن الصلت ، ثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن بهلول ، ثنا جدي، ثنا أبو أسامة ، (به) بطوله.

                                                                                                                                                                                          وأخبرنا عبد الله بن عمر [الحلاوي] ، أنا أحمد بن محمد بن عمر ، أنا أبو الفرج [ ص: 266 ] بن نصر ، أنا أبو محمد بن صاعد ، أنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن محمد ، حدثني أبي، ثنا أبو أسامة ، (ثنا هشام ، عن عروة ، عن أبيه) واللفظ له.

                                                                                                                                                                                          وقرئ على محمد بن علي بن محمد بن عقيل ، وأنا أسمع، أخبركم عبد الرحمن بن محمد التلبنتي ، أنا أحمد بن عبد الدائم ، أنا محمد بن علي ، أنا محمد بن الفضل ، أنا عبد الغافر بن محمد ، أنا محمد بن عيسى ، أنا إبراهيم بن سفيان ، ثنا الحسن بن بشر. ح. وأخبرنا أبو الفرج بن الغزي ، أنا أبو الحسن بن قريش ، أنا النجيب الحراني ، أنا مسعود الجمال ، كتابة، أنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم ، أنا أبو بكر الطلحي ، ثنا عبيد بن غنام ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قالا: ثنا أسامة ، ثنا هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عائشة، [رضي الله عنها] ، قالت: لما ذكر من شأني الذي ذكر، وما علمت به، قام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في خطيبا، وما علمت، فتشهد، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وقال: "أما بعد، أشيروا علي في ناس أبنوا أهلي، وأيم الله، ما علمت على أهلي سوءا قط، وأبنوهم بمن والله ما علمت عليه من سوء قط، ولا دخل بيتي قط، إلا وأنا حاضر، ولا غبت في سفر إلا غاب معي، فقام سعد ابن معاذ ، فقال: نرى يا رسول الله أن تضرب أعناقهم فقام رجل من الخزرج -وكانت أم حسان من رهط ذلك الرجل- فقال: كذبت أما والله، لو كانوا من الأوس ما أحببت أن تضرب أعناقهم حتى كاد أن يكون بين الأوس والخزرج في المسجد شر، وما علمت به، فلما كان مساء ذلك اليوم خرجت لبعض حاجتي، ومعي أم مسطح، فعثرت فقالت، تعس مسطح ، فقلت: علام تسبين ابنك؟ فسكتت عني، ثم عثرت الثانية، فقالت: تعس مسطح ، فقلت: علام تسبين ابنك؟ فسكتت عني، وعثرت الثالثة، فقالت: تعس مسطح ، فانتهرتها، وقلت علام تسبين [ ص: 267 ] ابنك؟ فقالت: والله ما أسبه إلا فيك، فقلت: في أي شأني؟ فذكرت لي الحديث. فقلت أو قد كان هذا؟ قالت: نعم والله. فرجعت إلى بيتي، وكأن الذي خرجت له لم أخرج له، لا أجد منه لا قليلا، ولا كثيرا. ووعكت، فقلت لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: أرسلني إلى بيت أبي، فأرسل معي الغلام، فدخلت الدار، فإذا بأم رومان، فقالت: ما جاء بك يا بنية؟ فأخبرتها فقالت: خفضي عليك الشأن، فإنه والله، لقلما كانت امرأة جميلة، تكون عند رجل، يحبها ولها ضرائر إلا حسدنها، وقلن فيها، قلت: وقد علم به أبي؟ قالت: نعم، قلت: ورسول الله؟ قالت: ورسول الله، فاستعبرت، (فبكيت) ، فسمع أبو بكر صوتي، وهو فوق البيت يقرأ فنزل، فقال لأمي: ما شأنها؟ فقالت: بلغها الذي ذكر من أمرها، ففاضت عيناه، فقال: أقسمت عليك يا بنية إلا رجعت إلى بيتك، فرجعت، (وأصبح) أبواي عندي، فلم يزالا عندي، حتى دخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعد العصر، وقد اكتنفني أبواي عن يميني، وعن شمالي، (فتشهد النبي، صلى الله عليه وسلم) ، فحمد الله وأثنى عليه، بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، يا عائشة! إن كنت قارفت سوءا، أو ظلمت (نفسك) ، فتوبي إلى الله، فإن الله يقبل التوبة من عباده. وقد جاءت امرأة من الأنصار، فهي جالسة بالباب، فقلت: ألا تستحي من هذه المرأة أن تقول شيئا؟ فقلت لأبي: أجبه، فقال: أقول ماذا يا بنية، فقلت لأمي: أجيبيه، فقالت: أقول ماذا، فلما لم يجيباه تشهدت فحمدت الله، وأثنيت عليه بما هو أهله، ثم قلت: أما بعد، فوالله لئن قلت لكم: إني لم أفعل -والله يشهد إني صادقة- ما ذاك بنافعي عندكم، لقد تكلمتم به، وأشربته قلوبكم، ولئن قلت لكم: إني قد فعلت -والله يعلم إني لم أفعل- لتقولن: قد باءت به على نفسها، [ ص: 268 ] فإني والله ما أجد لي ولكم إلا أبا يوسف -وما أحفظ اسمه- فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون فأنزل الله تعالى على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ساعتئذ فرفع عنه، وإني لأستبين السرور في وجهه، وهو يمسح جبينه، وهو يقول: أبشري، يا عائشة! فقد أنزل الله براءتك، فكنت أشد ما كنت غضبا، فقال لي أبواي: قومي إليه قلت: والله! لا أقوم إليه، ولا أحمده، ولا أحمدكما، لقد سمعتموه، فما أنكرتموه، ولا غيرتموه، ولكن أحمد الله الذي أنزل براءتي، ولقد جاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بيتي، فسأل الجارية عني، فقالت: لا والله، ما أعلم عليها عيبا، إلا أنها كانت تنام حتى تدخل الشاة، فتأكل خميرتها، أو عجينتها -شك هشام- فانتهرها بعض أصحابه، وقال: اصدقي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى أسقطوا لها به. قال عروة: فعبت ذلك على من قاله، فقالت: لا والله، ما أعلم عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر، وبلغ ذلك الرجل الذي قيل فيه، فقال: سبحان الله! والله ما كشفت كنف أنثى قط، فقتل شهيدا في سبيل الله، قالت عائشة: فأما زينب بنت جحش، فعصمها الله بدينها، فلم تقل إلا خيرا، وأما أختها حمنة فهلكت فيمن هلك، وكان الذي تكلموا فيه المنافق عبد الله بن أبي كان يستوشيه، ويجمعه، وهو الذي تولى كبره، ومسطح وحسان بن ثابت ، فحلف أبو بكر رضي الله عنه، أن لا ينفع مسطحا بنافعة أبدا، فأنزل الله، عز وجل: ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين  يعني مسطحا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم . فقال أبو بكر ، [رضي الله عنه] : بلى. والله إنا لنحب أن يغفر الله لنا، وعاد أبو بكر لمسطح بما كان يصنع به.

                                                                                                                                                                                          رواه مسلم: ، عن أبي بكر ، وأبي كريب ، كلاهما، عن أبي أسامة فوافقناه [ ص: 269 ] بعلو في أبي بكر.

                                                                                                                                                                                          ورواه الترمذي ، عن محمود بن غيلان ، عن أبي أسامة ، وقال: حسن صحيح غريب من حديث هشام.

                                                                                                                                                                                          ورواه الإسماعيلي من حديث عثمان بن أبي شيبة ، وأبي موسى ، وهارون الجمال كلهم عن أبي أسامة.

                                                                                                                                                                                          وأصل الحديث عند المصنف متصلا، من طريق الزهري ، عن عروة ، وغيره، لكنه أدمج لفظ عروة معهم. وفي سياقه زيادة ليست في حديثهم، فآثرت سياق حديثه (بلفظه للزيادة) التي فيه، مع أن المصنف قد وصله من حديث هشام بن عروة ، عن أبيه في الاعتصام، لكنه ساق منه قطعة مختصرة، ولم يسقه بتمامه.

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية