الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          قوله: [8] باب المزارعة بالشطر  ونحوه.

                                                                                                                                                                                          وقال قيس بن مسلم ، عن أبي جعفر ، ما بالمدينة أهل بيت هجرة إلا يزرعون على الثلث والربع، وزارع علي ، وابن مسعود ، وسعد بن مالك ، وعمر بن عبد العزيز ، والقاسم بن محمد ، وعروة ، وآل أبي بكر، وآل عمر، وآل علي، وابن سيرين.

                                                                                                                                                                                          وأما حديث قيس بن مسلم ، فقال عبد الرزاق في مصنفه: حدثنا الثوري ، أخبرني قيس بن مسلم ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن علي ، قال: ما بالمدينة أهل بيت هجرة، إلا وهم يعطون أرضهم بالثلث، والربع.

                                                                                                                                                                                          وأما علي [رضي الله عنه] فقال أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن الحارث بن حصيرة ، عن صخر بن الوليد ، عن عمرو بن صليع ، عن علي ، أنه لم ير بأسا بالمزارعة على النصف.  

                                                                                                                                                                                          وأما أثر ابن مسعود ، وسعد بن مالك ، فقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا أبو [ ص: 301 ] الأحوص ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن موسى بن طلحة ، قال: كان سعد وابن مسعود يزارعان بالثلث والربع.

                                                                                                                                                                                          وقال سعيد بن منصور: ثنا أبو عوانة ، ثنا إبراهيم بن مهاجر ، عن موسى بن طلحة "أن عثمان بن عفان أقطع خمسة من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الزبير ، وسعد بن مالك ، وابن مسعود ، وخبابا ، وأسامة بن زيد ، فرأيت جاري سعدا ، وابن مسعود يعطيان أرضهما بالثلث".  

                                                                                                                                                                                          ورواه البيهقي: ثنا أبو حازم الحافظ ، ثنا أبو الفضل بن خمرويه ، ثنا أحمد بن نجدة ، ثنا سعيد به.

                                                                                                                                                                                          (ورواه ابن منده من طريق يزيد بن هارون ، عن حجاج ، عن إبراهيم بن مهاجر ، نحوه، لكن قال: حميدا بدل خبابا.

                                                                                                                                                                                          وأما عمر بن عبد العزيز ، فقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا حفص هو ابن غياث ، عن يحيى بن سعيد ، أن عمر بن عبد العزيز كان أمر بإعطاء الأرض بالثلث والربع.

                                                                                                                                                                                          حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، عن خالد الحذاء ، أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي أن يزارع بالثلث والربع.

                                                                                                                                                                                          قرأت على أم الفضل البعلبكية، بدمشق، عن أبي نصر بن مميل الشيرازي ، عن أبي محمد بن أبي القاسم بن الأشرف ، أن يحيى بن يوسف السفلاطوي ، أخبرهم: أنا الحسين بن علي البسري ، أنا عبد الله بن يحيى السكري ، أنا إسماعيل بن محمد [ ص: 302 ] [الصفار] ، ثنا الحسن بن علي بن عفان ، ثنا يحيى بن آدم ، ثنا محمد بن طلحة ابن مصرف اليامي ، عن أبي عبيدة بن الحكم ، عن عمر بن عبد العزيز ، أنه كتب [إلى عامله] : "انظر ما قبلكم من أرض الصاقية فأعطوها بالمزارعة بالنصف، وما لم يزرع فأعطوها بالثلث، فإن لم تزرع فأعطوها حتى تبلغ العشر فإن لم يزرعها أحد فامنحها، فإن لم تزرع فأنفق عليها من بيت مال المسلمين، ولا تبيرن قبلك أرضا".

                                                                                                                                                                                          وأما القاسم بن محمد بن أبي بكر ، فقال عبد الرزاق: سمعت هشاما يحدث (أن ابن سيرين أرسله) إلى القاسم بن محمد أسأله عن رجل قال لآخر: اعمل في حائطي هذا ولك الثلث [أو] الربع، قال: لا بأس به، قال: فرجعت إلى ابن سيرين فأخبرته فقال: هذا أحسن ما يصنع في الأرض.

                                                                                                                                                                                          وأما عروة بن الزبير ، فقال أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، قال: كان أبي لا يرى بكراء الأرض بأسا.  

                                                                                                                                                                                          وأما آل أبي بكر، وآل عمر، وآل علي، فقد تقدم في عموم حديث قيس بن مسلم ، عن أبي جعفر وهو، عن ابن عمر مشهور.

                                                                                                                                                                                          وقال أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه: ثنا أبو أسامة ووكيع ، [ ص: 303 ] عن عمرو بن عثمان ، عن أبي جعفر ، قال: سألته عن المزارعة بالثلث والربع فقال: إني نظرت في آل أبي بكر، وآل عمر، وآل علي وجدتهم يفعلون ذلك.

                                                                                                                                                                                          وأما ابن سيرين ، فقال سعيد بن منصور: حدثنا هشيم ، أنا يونس ، عن ابن سيرين ، أنه كان لا يرى بأسا أن يجعل الرجل للرجل طائفة من زرعه، أو حرثه على أن يكفيه مؤنتها، والقيام عليها، حتى يبلغ ما لم ينفق من عنده. وكان الحسن يكرهه. وقد تقدمت له طريق أخرى عن ابن سيرين.

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية