الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 479 ] وأبو مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم

1257 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا أبان بن يزيد ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن زيد بن سلام ، عن أبي سلام ، عن الحارث الأشعري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله عز وجل أوحى إلى يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، فكأنه أبطأ بهن ، فأوحى الله عز وجل إلى عيسى إما أن يبلغهن أو تبلغهن ، فأتاه عيسى فقال : إن الله أمرك بخمس كلمات تعمل بهن وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، فإما أن تخبرهم وإما أن أخبرهم ! فقال : يا روح الله ، لا تفعل ؛ فإني أخاف إن سبقتني بهن أن يخسف بي أو أعذب ! قال : فجمع بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد وقعدوا على الشرفات ، ثم خطبهم فقال : إن الله عز وجل أوحى إلي بخمس كلمات وأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ؛ أولهن : أن لا يشركوا بالله شيئا ، فإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق ثم أسكنه دارا فقال : اعمل وارفع إلي ، فجعل العبد يرفع إلى غير سيده ، فأيكم يرضى أن [ ص: 480 ] يكون عبده كذلك ؟ فإن الله عز وجل خلقكم ورزقكم فلا تشركوا به شيئا ، وإذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا ، فإن الله عز وجل يقبل بوجهه إلى وجه عبده ما لم يلتفت ، وأمركم بالصيام ، ومثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة مسك فكلهم يحب أن يجد ريحها ، وخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك ، وأمركم بالصدقة ، ومثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فأوثقوه إلى عنقه أو قربوه ليضربوا عنقه ، فجعل يقول لهم : هل لكم أن أفدي نفسي منكم ، فجعل يعطي القليل والكثير حتى فدى نفسه ، وأمركم بذكر الله كثيرا ، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره حتى أتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه ، وكذلك العبد لا ينجو من الشيطان إلا بذكر الله   .

التالي السابق


الخدمات العلمية