الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2789 حدثنا أبو داود قال : حدثنا عباد بن منصور ، قال : [ ص: 389 ] حدثنا عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت هذه الآية : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء إلى آخر الآية ، فقال سعد بن عبادة : أهكذا أنزلت ؟ فلو وجدت لكاعا متفخذها رجل لم يكن لي أن أحركه ، ولا أهيجه حتى آتي بأربعة شهداء ؟ فوالله لا آتي بأربعة شهداء حتى يقضي حاجته . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الأنصار ، ألا تسمعون ما يقول سيدكم ؟ " قالوا : يا رسول الله ، لا تلمه ; فإنه رجل غيور ، والله ما تزوج فينا قط إلا عذراء ، ولا طلق امرأة له فاجترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته . فقال سعد : والله إني لأعلم يا رسول الله أنها الحق ، وأنها من عند الله عز وجل ، ولكني عجبت .

فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك إذ جاء هلال بن أمية الواقفي ، وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم ، فقال : يا رسول الله ، إني جئت البارحة عشاء من حائط لي كنت فيه ، فرأيت عند أهلي رجلا ، ورأيت بعيني ، وسمعت بأذني ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به ، فقيل : أيجلد هلال وتبطل شهادته في المسلمين ؟ فقال هلال : يا رسول الله ، والله إني لأرى في وجهك أنك تكره ما جئت به ، وإني لأرجو أن يجعل الله فرجا . قال : فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك إذ نزل عليه الوحي ، وكان رسول الله [ ص: 390 ] صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي تربد لذلك جسده ووجهه ، وأمسك عنه أصحابه فلم يكلمه أحد منهم ، فلما رفع الوحي قال : " أبشر يا هلال " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ادعها " فدعيت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تبارك وتعالى يعلم أن أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب ؟ " فقال هلال : والله يا رسول الله ما قلت إلا حقا ، ولقد صدقت . قال : فقالت هي عند ذلك : كذب . قال : فقيل لهلال : أتشهد أربع شهادات بالله إنك لمن الصادقين ؟ وقيل له عند الخامسة : يا هلال اتق الله ، فإن عذاب الله أشد من عذاب الناس ، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب . قال : والله لا يعذبني الله عليها أبدا ، كما لم يجلدني عليها ، فشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين . وقيل : اشهدي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، وقيل لها عند الخامسة : يا هذه ، اتقي الله ، فإن عذاب الله أشد من عذاب الناس ، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب ، فتلكأت ساعة ثم قالت : والله لا أفضح قومي ، فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين . قال : وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ترمى ، ولا يرمى [ ص: 391 ] ولدها ، ومن رماها ورمى ولدها جلد الحد ، وليس لها عليه قوت ولا سكنى ; من أجل أنهما يتفرقان بغير طلاق ، ولا متوفى عنها ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبصروها ، فإن جاءت به أثيبج ، أصيهب ، أرسح ، حمش الساقين فهو لهلال بن أمية ، وإن جاءت به خدلج الساقين ، سابغ الأليتين ، أورق ، جعدا ، جماليا فهو لصاحبه " قال : فجاءت به أورق ، جعدا ، جماليا ، خدلج الساقين ، سابغ الأليتين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا الأيمان لكان لي ولها أمر
 
قال عباد : فسمعت عكرمة يقول : لقد رأيته أمير مصر من الأمصار ، لا يدرى من أبوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية