الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 320 ] 404 - حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى أكرينا الحديث ، ثم رجعنا إلى أهالينا ، فلما أصبحنا غدونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عرض علي الأنبياء بأممها وأتباعها من أممها ، فجعل يمر النبي معه الثلاثة من أمته ، والنبي معه العصابة من أمته ، والنبي يمر معه النفر من أمته ، والنبي يمر معه الرجل من أمته ، والنبي ما معه أحد من أمته ، حتى مر علي موسى بن عمران في كبكبة من بني إسرائيل ، فلما رأيتهم أعجبوني ، فقلت : يا رب من هذا ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران ومن تبعه من بني إسرائيل ، قلت : يا رب ، فأين أمتي ؟ قال : انظر عن يمينك ، فنظرت فإذا الظراب - ظراب مكة - قد سدت بوجوه الرجال ، قلت : يا رب ، من هؤلاء ؟ قيل : هؤلاء أمتك ، قيل : أرضيت ؟ قلت : نعم ، قد [ ص: 321 ] رضيت ، قيل : انظر عن يسارك ، فنظرت ، فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال ، قلت : يا رب ، من هؤلاء ؟ قيل : هؤلاء أمتك ، قيل : رضيت ؟ قلت : نعم رب رضيت ، قيل : فإن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، فأنشأ عكاشة بن محصن أخو بني أسد ، فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم ، فقال : اللهم اجعله منهم ، فأنشأ رجل آخر ، فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم ، قال : سبقك بها عكاشة بن محصن ، قال : وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فداكم أبي وأمي ، إن استطعتم أن تكونوا من السبعين فكونوا ، فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الظراب ، فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الأفق ، فإني قد رأيت ثم ناسا يتهاوشون كثيرا ، قال : وذكر لنا أن رجالا من المؤمنين - أو ناسا من المؤمنين - تراجعوا بينهم ، فقالوا : ما ترون هؤلاء السبعين ألفا ؟ حتى صيروا من أمورهم أن قالوا : ناس ولدوا في الإسلام ، فلم يزالوا يعملون به حتى ماتوا عليه ، فبلغ حديثهم نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : ليس كذاكم ، ولكنهم الذين لا يكتوون ، ولا يسترقون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون ، وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : إني لأرجو أن يكون من [ ص: 322 ] يتبعني من أمتي ربع أهل الجنة ، فكبرنا ، فقال : إني لأرجو أن يكونوا الشطر " قال : فكبروا ، قال : وتلا هذه الآية ثلة من الأولين وثلة من الآخرين   .

التالي السابق


الخدمات العلمية