الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون  وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين  قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون  وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون  والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون  قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين  

                                                                                                                                                                                                                                      وما أرسلنا في قرية من نذير نبي ينذر أهلها، إلا قال مترفوها رؤساؤها وأغنياؤها: إنا بما أرسلتم به من التوحيد والإيمان، كافرون وقالوا: نحن أكثر أموالا وأولادا افتخر مشركو مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بأولادهم وأموالهم وظنوا أن الله إنما خولهم المال والولد كرامة لهم، فقالوا: وما نحن بمعذبين أي: إن الله أحسن إلينا بالمال والولد فلا يعذبنا، فقال الله تعالى لنبيه: قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر يعني أن بسط الرزق وتضييقه من الله يفعله ابتلاء وامتحانا، لا يدل البسط على رضا الله، ولا يدل التضييق على سخطه، ولكن أكثر الناس يعني أهل مكة ، لا يعلمون ذلك حين ظنوا أن أموالهم وأولادهم دليل على كرامة الله لهم، ثم صرح بهذا المعنى، فقال: وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى قال الأخفش : زلفى اسم المصدر، كأنه أراد بالتي تقربكم عندنا تقريبا، إلا من آمن لكن من آمن، وعمل صالحا قال ابن عباس : يريد أن إيمانه وعمله قربه مني، فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا يضاعف الله له حسناتهم، فيجزي بالحسنة الواحدة عشرا إلى سبع مائة إلى ما زاد، وهم في الغرفات يعني غرف الجنة، وهي البيوت فوق الأبنية، آمنون من الموت والغير.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ حمزة في الغرفة على واحدة، كقوله: أولئك يجزون الغرفة بما صبروا واسم الجنس يجوز أن يراد [ ص: 497 ] به الجمع، وما بعد هذا مفسر فيما تقدم إلى قوله: وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه أي: يخلفه لكم، أو عليكم، يقال: أخلف الله له وعليه إذا أبدل له ما ذهب عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      قال سعيد بن جبير : وما أنفقتم من شيء في غير إسراف ولا تقتير فهو يخلفه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الكلبي : وما أنفقتم في الخير والبر فهو يخلفه، إما أن يعلمه في الدنيا، أو بدخوله في الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أحمد بن الحسن الحيري ، نا محمد بن يعقوب ، نا العباس الدوري ، نا خالد بن مخلد ، نا سليمان بن بلال ، عن معاوية بن أبي مزرد ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا".  

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية