قوله: وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت [ ص: 508 ] الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا
وأقسموا بالله جهد أيمانهم يعني كفار مكة ، قال : حلفوا قبل أن يأتيهم ابن عباس محمد بأيمان غليظة.
لئن جاءهم نذير رسول، ليكونن أهدى أصوب دينا، من إحدى الأمم يعني اليهود والنصارى والصابئين، فلما جاءهم نذير محمد صلى الله عليه وسلم ما زادهم مجيئه، إلا نفورا تباعدا عن الهدى.
استكبارا في الأرض عتوا على الله وتكبرا عن الإيمان به، ومكر السيئ يعني: ومكروا مكر السيئ، وهو عملهم القبيح من الشرك، والمكر هو العمل القبيح، وأضيف المكر إلى صفته، وقرأ بإسكان الهمزة، والنحويون كلهم يزعمون أن هذا من الاضطرار في الشعر، ولا يجوز مثله في كتاب الله، وقال حمزة أبو علي الفارسي : هو على إجراء الوصل مجرى الوقف، كما حكى سيبويه من قولهم لملائه الأربعة: فأجروا الوصل مجرى الوقف.
قال: ويحتمل أنه خفف آخر الاسم لاجتماع الكسرتين والياءين كما خففوا الياء من إيل لتوالي الكسرتين، ونزل حركة الإعراب بمنزلة غير حركة الإعراب، وقال أبو جعفر النحاس : كان يقف على "ومكر السيئ" فيترك الحركة، وهو وقف حسن تام، ثم غلط فيه الراوي فروى أنه كان يحذف الإعراب في الوصل، فتابع الأعمش الغالط، فقرأ في الإدراج بترك الحركة. حمزة
وقوله: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله قال : عاقبة الشرك لا تحل إلا بمن أشرك. ابن عباس
فهل ينظرون إلا سنت الأولين هل ينتظرون إلا أن ينزل بهم العذاب كما نزل بالأمم المكذبة قبلهم، فلن تجد لسنت الله في العذاب، تبديلا وإن تأخر ذلك، ولن تجد لسنت الله تحويلا لا يقدر أحد أن يحول العذاب عنهم إلى غيرهم.
وما بعد هذا مفسر فيما مضى إلى قوله: ولو يؤاخذ الله الناس يعني المشركين، بما كسبوا من الشرك والتكذيب لعجل لهم العذاب والعقوبة، وهو قوله: ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى وهذا مفسر في سورة النحل، وقوله: فإن الله كان بعباده بصيرا قال : يريد أهل طاعته وأهل معصيته. ابن عباس