فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم فتولوا عنه مدبرين فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين فأقبلوا إليه يزفون قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين
قوله: فنظر نظرة في النجوم قال المفسرون: كانوا يتعاطون علم النجوم فعاملهم من حيث كانوا لئلا ينكروا عليه، وذلك أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم ليلزمهم الحجة في أنها غير معبودة، وكان لهم من الغد يوم يخرجون إليه، فأراد أن يتخلف عنهم فاعتل بالسقم، فقال إني سقيم وذلك أنهم كلفوه أن يخرج معهم إلى عيدهم، فنظر في النجوم، يريد أنه مستدل بها على حاله، فلما نظر إليها، فقال إني سقيم أي: سأسقم. قال : إني وجع غدا، واعتل بذلك ليخلفوه. مقاتل
فتولوا عنه مدبرين تركوه وذهبوا إلى عيدهم.
فراغ إلى آلهتهم مال إليها ميلة في خفية سرا، فقال ألا تأكلون يعني: الطعام الذي كان بين أيديهم، أتوهم بطعامهم لتبارك فيه آلهتهم كما زعموا، وإنما يقول هذا إبراهيم استهزاء بها، وكذلك قوله: ما لكم لا تنطقون ، ثم أقبل عليهم ضربا كما قال الله تعالى: فراغ عليهم ضربا باليمين مال عليهم بالضرب، قال المفسرون: يعني بيده اليمنى، يضربهم بها، وقال : بالقوة والقدرة، فأقبلوا إليه من عيدهم، يزفون يسرعون من زفيف النعامة، وهو أول عدوها، يقال: جاء يزف زفيف النعامة، أي يسرع، وقرأ السدي بضم الياء، أي: يحملون دوابهم وظهورهم على الجدد للإسراع في المشي، وذلك أنهم أخبروا بصنيع حمزة إبراهيم بآلهتهم، فأسرعوا إليه ليأخذوه، فلما انتهوا إليه، قال لهم إبراهيم محتجا عليهم: أتعبدون ما تنحتون بأيديكم من الأصنام، والله خلقكم وما تعملون بأيديكم، يعني ما تنحتون، أي: فاعبدوا الله الذي خلقكم وخلق ما تعملون بأيديكم من الأصنام التي تعملونها من الخشب والحديد، فلما لزمتهم الحجة قالوا ابنوا له بنيانا قال : بنوا حائطا من حجارة طوله في السماء ثلاثون ذراعا، وعرضه عشرون ذراعا، وملؤوه نارا وطرحوه فيها، وذلك قوله: ابن عباس فألقوه في الجحيم وهي النار العظيمة. قال : كل نار بعضها فوق بعض فهي جحيم. الزجاج
فأرادوا به كيدا شرا، وهو أن يحرقوه بالنار، فجعلناهم الأسفلين لأن إبراهيم علاهم بالحجة حين سلمه الله ورد كيدهم عنه، ولم يلبثوا إلا يسيرا حتى أهلكهم الله.