الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد  يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: تلك الرسل يعني جماعتهم، فضلنا بعضهم على بعض أي: أنهم لا يسوى بينهم في الفضيلة وإن استووا في القيام بالرسالة.

                                                                                                                                                                                                                                      وروى أبو سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تخيروا بين الأنبياء"   .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذا نهي عن الخوض في تفضيل بعض الأنبياء على بعض، فنستفيد من الآية معرفة أنهم متفاوتون في الفضيلة، وننتهي عن الكلام في ذلك لنهيه صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: منهم من كلم الله يعني موسى، ورفع بعضهم درجات قال مجاهد: أرسل الله محمدا إلى الناس كافة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج: ليس شيء من الآيات التي أعطاها الأنبياء إلا وقد أعطى محمدا عليه السلام وأكثر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الربيع بن خيثم: لا نفضل على نبينا أحدا ولا نفضل على خليل الله أحدا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس تقدم فيما سبق تفسير هذا، ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم يعني: من بعد الرسل، من بعد ما جاءتهم البينات يعني: من بعد ما وضحت لهم البراهين، ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ثبت على إيمانه، ومنهم من كفر كالنصارى بعد المسيح، اختلفوا فصاروا فرقا ثم تحاربوا، ولو شاء الله ما اقتتلوا كرر المشيئة باقتتالهم تأكيدا للأمر، وتكذيبا لمن زعم أنهم فعلوا ذلك من عند أنفسهم لم يجر به قضاء من الله تعالى ولا قدر، ثم قال: ولكن الله يفعل ما يريد فيوفق من يشاء فضلا، ويخذل من يشاء عدلا.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم قال الحسن: أراد الزكاة المفروضة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو [ ص: 364 ] إسحاق: أي: أنفقوا في الجهاد  وليعن بعضكم بعضا.

                                                                                                                                                                                                                                      من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه يعني يوم القيامة، يريد: لا يؤخذ في ذلك اليوم بدل ولا فداء، فذكر لفظ البيع لما فيه من المعاوضة وأخذ البدل، ولا خلة والخلة: مصدر الخليل، والخلة تنقطع يوم القيامة بين الأخلاء إلا المتقين، كقوله: الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ، وقوله: ولا شفاعة إنما نفى الشفاعة عاما ؛ لأنه أراد الكافرين، بأن هذه الأشياء لا تنفعهم، ألا ترى أنه قال: والكافرون هم الظالمون ؟ أي: هم الذين وضعوا أمر الله غير موضعه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية