الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: مسكينا يعني: فقيرا، لا مال له، ويتيما لا أب له،  وأسيرا قال عطاء ، [ ص: 401 ] عن ابن عباس ، وذلك أن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه، أجر نفسه يسقي نخلا بشيء من شعير ليلة حتى أصبح، فلما أصبح وقبض الشعير، طحن ثلثه، فجعلوا منه شيئا ليأكلوه، يقال له: الحريرة، فلما تم إنضاجه أتى مسكين، فأخرجوا إليه الطعام، ثم عمل الثلث الثاني، فلما تم إنضاجه أتى يتيم، فسأل فأطعموه، ثم عمل الثالث الباقي، فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين، فسأل فأطعموه، وطووا يومهم ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا قول الحسن ، وقتادة : أن الأسير كان من أهل الشرك.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 402 ] وقال أهل العلم: الآية تدل على أن إطعام الأسارى، وإن كانوا من غير أهل ملتنا،  حسن يرجى ثوابه، فأما فريضة الكفارات والزكوات، فلا يجوز وضعها في فقراء المشركين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عطاء ، وسعيد بن جبير : الأسير هو المسجون من أهل القبلة.

                                                                                                                                                                                                                                      إنما نطعمكم لوجه الله قال المفسرون: إنهم لم يتكلموا بهذا، ولكن علمه الله تعالى من قلوبهم، فأثنى به عليهم، وعلم من نياتهم أنهم فعلوا ذلك خوفا من الله، ورجاء ثوابه. ومعنى: لوجه الله لطلب رضا الله، وخاصة لله مخلصا من الرياء، وطلب الجزاء، وهو قوله: لا نريد منكم جزاء ولا شكورا وهو مصدر القعود، والخروج.

                                                                                                                                                                                                                                      إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قال مقاتل ، والكلبي : تعبس فيه الوجوه، من هول ذلك اليوم، فلا تنبسط.

                                                                                                                                                                                                                                      قمطريرا يقبض الوجوه والجباه بالتعبيس، وقال الفراء ، وأبو عبيدة ، والمبرد : يوم قمطرير وقماطر، إذا كان صعبا شديدا.

                                                                                                                                                                                                                                      فوقاهم الله شر ذلك اليوم بما أطاعوه في الدنيا، "ولقاهم نضرة" حسنا وبياضا في الوجوه، وسرورا لا انقطاع له.

                                                                                                                                                                                                                                      وجزاهم بما صبروا على طاعته، واجتناب معصيته، جنة وحريرا يعني: لباس أهل الجنة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية