فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة أولئك [ ص: 491 ] أصحاب الميمنة والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة عليهم نار مؤصدة
فلا اقتحم العقبة أي: لم يقتحمها ولا جاوزها، والاقتحام: الدخول في الأمر الشديد، وذكر العقبة هاهنا مثل ضربه الله تعالى لمجاهدة النفس، والهوى، والشيطان في أعمال البر، فجعله كالذي يتكلف صعود العقبة، يقول: لم يحمل على نفسه المشقة بعتق الرقبة والإطعام، وهو قوله: وما أدراك ما العقبة أي: ما اقتحام العقبة؟ ثم ذكره، فقال: فك رقبة وهو تخليصها من أسر الرق، وكل شيء أطلقته فقد فككته، ومنه فك الرهن، وفك الكتاب، ومن قرأ فك رقبة على الفعل، فهو تفسير لاقتحام العقبة بالفعل، كقوله تعالى: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ثم فسر المثل بقوله: خلقه من تراب فكذلك قوله: فك رقبة .
أخبرنا الأستاذ أبو طاهر الزيادي ، أنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص ، نا ، نا السري بن خزيمة أبو نعيم ، نا عيسى بن عبد الرحمن ، عن طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب ، عن ، عن عبد الرحمن بن عوسجة ، قال: البراء بن عازب قال: "إن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة، أعتق النسمة، وفك الرقبة" ، فقال: أوليسا واحدا؟ قال: "لا، عتق النسمة، أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها، والفيء على ذي الرحم الظالم، فإن لم يكن ذلك فأطعم الجائع، واسق الظمآن، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير" يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة، . جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
[ ص: 492 ] 1355 - أخبرنا سعيد بن محمد بن نعيم الإشكابي ، أنا محمد بن عمر بن شكويه ، أنا محمد بن شويف ، أنا محمد بن إسماعيل الجعفي ، نا ، نا أحمد بن يونس ، حدثني عاصم بن محمد ، حدثني واقد بن محمد صاحب سعيد بن مرجانة ، قال: قال لي علي بن حسين : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: أبو هريرة "أيما رجل أعتق امرأ مسلما، استنقذ الله بكل عضو منه عضوا منه من النار" قال : فانطلقت به إلى سعيد بن مرجانة فعمد إلى عبد له قد أعطاه به علي بن حسين عبد الله بن جعفر ألف دينار فأعتقه.
أخبرنا أبو منصور البغدادي ، أنا ، نا أبو خليفة الحوضي ، عن ، عن شعبة عمرو بن مرة ، عن ، عن سالم بن أبي الجعد ، أنه قال شرحبيل بن السمط لكعب بن مرة ، أو حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مرة بن كعب . "أيما رجل أعتق رقبة مسلمة كانت فكاكه من النار يجزى مكان كل عظم من عظامها عظم من عظامه"
أو إطعام في يوم ذي مسغبة ذي مجاعة، يقال: سغب يسغب سغبا إذا جاع، قال وقوله: : يريد بالمسغبة الجوع. ابن عباس
أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق المزكي ، أنا أبو عمرو بن مطر ، نا ، نا عبدان الأهوازي هاشم بن عمار بن واقد ، نا ، عن يونس بن ميسرة أبي إدريس ، عن ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: معاذ بن جبل "من أشبع جائعا في يوم سغب أدخله الله عز وجل يوم القيامة بابا من أبواب الجنة، لا يدخله إلا من فعل مثل ما فعل" وروى ، أن [ ص: 493 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: جابر بن عبد الله "من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان" .
يتيما ذا مقربة معناه: ذا قربة، قال وقوله: : يعني: يتيما بينه وبينه قرابة. مقاتل
أو مسكينا ذا متربة قد لصق بالتراب من فقره، وضره، وروى ، عن مجاهد ، قال: هو المطروح في التراب، لا يقيه شيء. والمتربة مصدر من قولهم: ترب يترب تربا. ومتربة إذا افتقر حتى لصق بالتراب ضرا. ابن عباس
ثم بين أن هذه القربة، إنما تنفع مع الإيمان، فقال: ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر على فرائض الله وأمره، وتواصوا بالمرحمة بالبر فيما بينهم، والرحمة لليتيم، والمسكين، والضعيف، أي: كان من الجملة الذين هذه صفتهم.
ثم ذكر أن هؤلاء من هم، فقال: أولئك أصحاب الميمنة وقد سبق تفسير أصحاب الميمنة في سورة الواقعة، وكذلك تفسير أصحاب المشأمة.
وقوله: عليهم نار مؤصدة مطبقة، يقال: أصدت الباب، وأوصدته إذا أغلقته وأطبقته، لغتان: مهموز وغير مهموز، قال : يعني أبوابها عليهم مطبقة، فلا يفتح لهم باب، ولا يخرج منها غم، ولا يدخل فيها روح آخر الأبد. مقاتل