وقوله: وليبتلي الله ما في صدوركم قال أي ليختبر ما في صدوركم ليعلمه مشاهدة كما علمه غيبا; لأن المجازاة إنما تقع على ما علمه مشاهدة. الزجاج:
[ ص: 509 ] وتقدير الآية: وليبتلي الله ما في صدوركم فعل ما فعل يوم أحد.
وقوله: وليمحص ما في قلوبكم قال ليطهرها من الشك والارتياب بما يريكم من عجائب صنعه في إلقاء الأمنة وصرف العدو، وإعلان سرائر المنافقين. قتادة:
وهذا التمحيص خاص للمؤمنين دون المنافقين، والله عليم بذات الصدور أي: بما فيها من خير وشر.
قوله: إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان يعني الذين انهزموا يوم أحد، إنما استزلهم الشيطان أي: حملهم على الزلة، وكسبهم الزلة، ببعض ما كسبوا قال يعني معصيتهم النبي عليه السلام وتركهم المركز. مقاتل:
ولقد عفا الله عنهم غفر لهم تلك الخطيئة، قال في هذه الآية: تولى أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم قتادة أحد عن القتال وعن نبي الله، وكان ذلك من أمر الشيطان، فأنزل الله ما تسمعون أنه قد تجاوز عن ذلك وعفا عنهم.
أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن حيان، أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحسن المروزي، حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب، حدثنا محمد بن الليث، حدثنا حدثنا علي بن الحكم، سلام القاري، عن عن علي بن زيد، سعيد بن المسيب: رفع صوته على عثمان بن عفان - وهو يومئذ خليفة - فقال له عبد الرحمن بن عوف عبد الرحمن: [ ص: 510 ] بأيش ترفع صوتك علي ولقد شهدت بدرا ولم تشهد، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تبايع - يعني بيعة الرضوان - وفررت يوم أحد ولم أفر.
فقال له عثمان: أما قولك شهدت بدرا ولم تشهد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفني على ابنته، وأما ما ذكرت أنك بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أبايع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إلى أناس من المشركين، لعثمان، فشمال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من يميني، ولقد علمت ذلك أنت، وأما قولك فررت يوم فلما أبطأت عليه ضرب بيمينه على شماله، فقال: هذه أحد، فلمت بذنب عفا الله لي عنه أن