الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله جل جلاله : (يستفتونك ) الآية ، أنزل الله تعالى في الكلالة آيتين ، إحداهما : في الشتاء وهي التي في أول السورة ، والأخرى في الصيف وهي هذه الآية ، ولهذا تسمى هذه الآية آية الصيف .  

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، أخبرنا أبو خليفة ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا شعبة ، حدثنا أبو إسحاق ، قال : سمعت البراء بن عازب ، يقول : آخر آية نزلت يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة وآخر سورة أنزلت براءة .  

                                                                                                                                                                                                                                      رواه البخاري ، عن أبي الوليد .

                                                                                                                                                                                                                                      ورواه مسلم ، عن بندار ، عن غندر كلاهما عن شعبة .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو بكر الفارسي ، أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه ، حدثنا إبراهيم بن محمد ، حدثنا مسلم ، حدثنا عمرو الناقد ، حدثنا سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، أنه سمع جابر بن عبد الله ، يقول : مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر يعودانني ماشيين ، فأغمي علي ، فتوضأ ثم صب علي من وضوئه فأفقت ، فقلت : يا رسول الله كيف أقضي في مالي ؟ فلم يرد علي شيئا حتى نزلت آية الميراث يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة   .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 146 ] قال ابن عباس : يريد : من ليس له ولد ولا والد إن امرؤ هلك ليس له ولد أراد : ولا والد ، فاكتفى بذكر أحدهما عن الآخر ، ودل على المحذوف : أن الفتيا في الكلالة ، والكلالة : من ليس له ولد ولا والد ، فإن كان له أحدهما لم يسم كلالة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وله أخت أراد : من أبيه وأمه ؛ لأن ذكر أولاد الأم قد سبق في أول السورة فلها نصف ما ترك هذا بيان فرضها عند الانفراد ، ولها نصف المال بالتسمية .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وهو يرثها إن لم يكن لها ولد يعني : أن الأخ يستغرق ميراث الأخت إذا لم يكن للأخت ولد ، وهذا في الأخ من الأب والأم ، أو من الأب .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فإن كانتا اثنتين ظاهر إلى قوله : يبين الله لكم أن تضلوا وروي أن أبا بكر الصديق قال في خطبته : ألا إن الآية التي أنزل الله تعالى في أول سورة النساء في شأن الفرائض أنزلها الله في الولد والوالد ، والثانية أنزلها في الزوج والزوجة والإخوة من الأم ، والآية التي ختم بها سورة النساء أنزلها في الإخوة والأخوات من الأب والأم ، والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله مما جرت به الرحم من العصبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : يبين الله لكم أن تضلوا أي : لئلا تضلوا ، أو : أن لا تضلوا ، وهذا كقوله تعالى : إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا أي : لئلا تزولا .

                                                                                                                                                                                                                                      هذا قول الفراء والكسائي .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال البصريون : المحذوف هاهنا : مضاف ، على تقدير : يبين الله لكم كراهة أن تضلوا فحذف المضاف .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية