وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون
قوله: وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض هذا إغراء من الملإ لفرعون على موسى، وإنكار أن يتركه مقيما على مخالفته، وأرادوا بالإفساد في الأرض: دعاءهم الناس إلى مخالفة فرعون في عبادته، وتجهيلهم إياه، وقوله: ويذرك قال ابن الأنباري: الواو نائبة عن الفاء.
وهو قول قال: نصب ويذرك على جواب الاستفهام بالواو، والمعنى: أيكون منك أن تذر الزجاج، موسى، وأن يذرك موسى وآلهتك وهي جمع إله، قال عن الكلبي كان فرعون صنع لقومه [ ص: 397 ] أصنام صغارا، وأمرهم بعبادتها، وقال: أنا ربكم، ورب هذه الأصنام، فذلك قوله: ابن عباس: أنا ربكم الأعلى .
قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم قال كان فرعون قد ترك قتل أبناء بني إسرائيل، فلما كان من أمر ابن عباس: موسى ما كان، أمر بإعادة القتل عليهم.
وإنا فوقهم قاهرون وإنا على ذلك قادرون، فشكا بنو إسرائيل إعادة القتل على أبنائهم، فقال موسى لقومه: استعينوا بالله واصبروا على ما يفعل بكم، إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده أطمعهم موسى أن يعطيهم الله أرض فرعون وقومه بعد إهلاكهم، والعاقبة للمتقين: قال الجنة لمن اتقى الله. ابن عباس:
وقال غيره: العاقبة هاهنا النصر والظفر.
قالوا أوذينا بالقتل الأول، من قبل أن تأتينا بالرسالة، ومن بعد ما جئتنا بإعادة القتل على أبنائنا، قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم فرعون وقومه، ويستخلفكم في الأرض يملككم ما كان يملك فرعون وقومه، فينظر كيف تعملون قال فيرى ذلك بوقوعه منكم; لأن الله تعالى لا يجازي عباده على ما يعلمه منهم، إنما يجازيهم على ما يقع منهم. الزجاج: