الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون  إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون  قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين  وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم  

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وجاوزنا ببني إسرائيل البحر يقال: جاوز الوادي إذا قطعه وجاوز بغيره عبر به، فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قال ابن عباس: يعبدونها مقيمين عليها، يقال لكل من لزم شيئا وواظب عليه: عكف يعكف ويعكف.

                                                                                                                                                                                                                                      قال قتادة: كان أولئك القوم نزولا بالرقة.

                                                                                                                                                                                                                                      فلما رأوا ذلك قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة هذا إخبار عن عظيم جهل بني إسرائيل حيث توهموا أنه يجوز عبادة غير الله بعد ما رأوا الآيات، ولذلك قال لهم موسى: إنكم قوم تجهلون قال ابن عباس: جهلتم نعمة ربكم فيما صنع بكم.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أحمد بن محمد بن الحارث، أن عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ، نا أبو يحيى الرازي، نا [ ص: 404 ] سهل بن عثمان العسكري، نا سفيان، عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان، عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتى حنينا مر بشجرة يعلق المشركون عليها أسلحتهم وأمتعتهم يقال لها: ذات أنواط، فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال: "الله أكبر، هذا كما قال قوم موسى، اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، لتركبن سنن الذين من قبلكم"  قوله: إن هؤلاء يعني: الذين كانوا يعبدون الأصنام، متبر ما هم فيه مهلك ما هم فيه من العبادة، والتبار: الهلاك، والتتبير: الإهلاك، وباطل ما كانوا يعملون قال ابن عباس: يريد: أن عملهم للشيطان ليس لله فيه نصيب.

                                                                                                                                                                                                                                      قال لهم موسى: أغير الله أبغيكم أطلب لكم إلها معبودا، وهذا استفهام وإنكار، وهو فضلكم على العالمين قال ابن عباس: أكرمكم من بين الخلائق أجمعين.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذ أنجيناكم من آل فرعون مفسر إلى آخر الآية في سورة البقرة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية