الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون  قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء الآية: قال ابن عباس: كان قبل فتح مكة من آمن ولم يهاجر لم يقبل الله إيمانه حتى يهجر أقاربه الكفار.

                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى: لا تتخذوهم أصدقاء تؤثرون المقام بين أظهرهم على الهجرة إلى دار الإسلام، إن استحبوا أي: اختاروا، وكان الكفر أحب إليهم من الإيمان، ثم أوعدهم على ذلك فقال ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون قال ابن عباس: مشركون مثلهم.

                                                                                                                                                                                                                                      فلما نزلت هذه الآية قال: يا نبي الله إن نحن اعتزلنا من خالفنا في الدين نقطع أبناءنا وعشيرتنا وتذهب تجارتنا وتخرب ديارنا، فأنزل الله: قل إن كان آباؤكم الآية، وقوله: وعشيرتكم عشيرة الرجل: أهله الأدنون، وقرئ: وعشيراتكم وهو رديء، قال الأخفش: لا تكاد العرب تجمع من عشيرة عشيرات إنما يجمعونها عشائر، وقوله: وأموال اقترفتموها أي: كسبتموها، والاقتراف الكسب ومنه قوله: ومن يقترف حسنة ، يقول: إن كانت هذه [ ص: 487 ] الأشياء أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله، فتربصوا قال ابن عباس: فتربصوا بما تحبون فليس لكم عند الله ثواب في إيمانكم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: حتى يأتي الله بأمره الأكثرون قالوا: يعني فتح مكة.

                                                                                                                                                                                                                                      يقول: بأن كنتم تؤثرون المقام في دوركم وأهليكم، وتتركون الهجرة فأقيموا غير مثابين، حتى يفتح الله مكة فيسقط فرض الهجرة، والأمر بالتربص أمر تهديد.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية