الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين  وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون  وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون  أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون  وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار يريد الذين يقربون منكم، قال ابن [ ص: 535 ] عباس: أمروا أن يقاتلوا الأدنى فالأدنى من عدوهم مثل قريظة، والنضير، وخيبر، وفدك .

                                                                                                                                                                                                                                      وليجدوا فيكم غلظة قال ابن عباس: شجاعة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد: شدة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن: صبرا منكم على الجهاد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الضحاك: عنفا.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من المنافقين من يقول أيكم زادته هذه إيمانا يقوله المنافقون بعضهم لبعض هزوا، قال الله تعالى: فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا قال ابن عباس: تصديقا ويقينا وقربة من الله.

                                                                                                                                                                                                                                      وذلك إنهم إذا أقروا بالسورة عن ثقة ازدادوا تصديقا إلى ما كانوا عليه من التصديق، وهم يستبشرون يفرحون بنزول السورة، وأما الذين في قلوبهم مرض شك ونفاق، فزادتهم رجسا إلى رجسهم كفرا إلى كفرهم لأنهم كلما كفروا بسورة ازداد كفرهم، قوله: (أولا يرون ) من قرأ بالتاء فهو خطاب للمؤمنين، ومن قرأ بالياء فهو تقريع للمنافقين بالإعراض عن التوبة، وقوله: أنهم يفتنون في كل عام الآية، أي: يمتحنون بالأمراض والأوجاع وهي روائد الموت، ثم لا يتوبون من النفاق ولا يتعظون بذلك المرض، وقوله: وإذا ما أنزلت سورة الآية: قال ابن عباس: كان إذا أنزلت سورة فيها عيب المنافقين خطبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض بهم في خطبته، شق ذلك عليهم فنظر بعضهم إلى بعض يريدون الهروب من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقولون: هل يراكم من أحد من المؤمنين إن قمتم؟ فإن لم يرهم أحد خرجوا من المسجد، وذلك قوله: ثم انصرفوا قال الحسن: ثم انصرفوا على عدم التكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج: وجائز أن يكونوا ينصرفون عن المكان الذي استمعوا فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      صرف الله قلوبهم عن كل خير ورشد وهدى، ذلك بأنهم قوم لا يفقهون عن الله دينه، قال الزجاج: أي: أضلهم الله مجازاة على فعلهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية