وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل [ ص: 620 ] معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين
وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون قال كان بين أن قذفوه في الجب وبين أن دخلوا عليه أربعون سنة فلذلك أنكروه. ابن عباس:
وقال إنه كان متزينا بزي فرعون الكلبي: مصر، عليه ثياب حرير، جالسا على حرير في عنقه طوق من ذهب، وعلى رأسه تاج فلذلك لم يعرفوه.
وقال لم يثبتوه وعليه تاج الملك وحجاب الملك، وعلى هذا إنما لم يعرفوه لأنهم رأوه من وراء ستر. عطاء:
وقال لما نظر إليهم السدي: يوسف قال لهم: أخبروني ما أمركم؟ قالوا: نحن قوم من أرض الشام جئنا نمتار طعاما.
قال: كم أنتم؟ قالوا: عشرة.
قال: أخبروني خبركم.
قالوا: إنا إخوة بنو رجل صديق وإنا كنا اثني عشر، فذهب أخ لنا معنا إلى البرية فهلك فيها، وكان أحبنا إلى أبينا.
قال: فإلى من سكن أبوكم بعده؟ قالوا: إلى أخ لنا أصغر منه.
فذلك قوله: ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم يقال: جهزت القوم تجهيزا.
إذا هيأت لهم جهازهم للسفر وما يحتاجون إليه، قال المفسرون: حمل لكل رجل منهم بعيرا.
ألا ترون أني أوفي الكيل أتمه ولا أبخسه وأنا خير المنزلين خير المضيفين، قال لأنه حين أنزلهم أحسن ضيافتهم، ثم أوعدهم على ترك الإتيان بالأخ بمنع الطعام، وهو قوله: الزجاج: فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون لا تقربوا بابي ولا بلادي.
قالوا سنراود عنه أباه نطلب منه ونسأله أن يرسله معنا وإنا لفاعلون لضامنون لك المجيء به.
وقال يوسف لفتيته، قال لغلمانه. ابن عباس:
وقرئ لفتيانه، قال الفتيان والفتية في هذا الموضع المماليك الزجاج: اجعلوا بضاعتهم في رحالهم وقال يريد: الدراهم والدنانير التي جاءوا بها. عطاء:
في رحالهم في أوعيتهم، والرحل: كل شيء معد للرحيل من وعاء للمتاع ومركب للبعير وحلس ورسن ، وقال عن الضحاك، كانت بضاعتهم النعال والأدم، وإنما أمر ابن عباس: يوسف بوضع بضاعتهم في رحالهم لأنهم متى فتحوا أوعيتهم فوجدوا بضاعتهم علموا فيبعثهم على العود إليه، وقال كرم يوسف وسخاءه لخوف ألا يكون عند أبيه من الورق ما يرجعون به مرة أخرى. الكلبي:
وقيل: رأى لو ما أخذه ثمن الطعام من أبيه وإخوته مع حاجتهم إلى الطعام.
وقال لأنهم إذا رأوا بضاعتهم في رحالهم ردوها على يوسف ولم يستحلوا إمساكها ويرجعون. الفراء:
وذلك قوله: لعلهم يعرفونها لكي يعرفوا بضاعتهم إذا انقلبوا انصرفوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون لكي يرجعوا إلينا فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا إنا قدمنا على خير رجل أنزلنا وأكرمنا كرامة لو كان رجلا من ولد يعقوب ما أكرمنا كرامته.
وقالوا: منع منا الكيل أي: فيما يستقبل إن لم نأته بأخينا لقوله: [ ص: 621 ] فلا كيل لكم عندي ، فأرسل معنا أخانا بنيامين نكتل نأخذ الطعام بالكيل، وقال أي: إن أرسلته اكتلنا وإلا منعنا الكيل. الزجاج:
وقرئ بالياء على معنى: يأخذ أخونا بنيامين وقر بعير يكال له وإنا له لحافظون من أن يصيبه سوء أو مكروه.
قال يعقوب هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل يقول: لا آمنكم على بنيامين إلا كأمني على يوسف، يريد: أنه لم ينفعه ذلك الأمن، وأنهم خانوه، فهو وإن أمنهم في هذا خاف خيانتهم أيضا، ثم قال: فالله خير حافظا أي: من حفظكم الذي نسبتموه إلى أنفسكم، والمعنى: حفظ الله خير من حفظكم ومن قرأ حافظا فالمعنى: حافظ الله خير من حافظكم لأن الله سبحانه له حفظه فحافظه خير من حافظكم، كما أن حفظه خير من حفظكم، قال كعب: لما قال يعقوب: فالله خير حافظا. قال الله عز وجل: وعزتي لأردن عليك كليهما بعد ما توكلت علي.