الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير  والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون  ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون  والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين  

                                                                                                                                                                                                                                      ولله غيب السماوات والأرض تقدم تفسيره، قوله: وما أمر الساعة يعني القيامة، إلا كلمح البصر اللمح النظر بسرعة، يقال: لمحه ببصر، قال السدي : يقول: هو كلمح العين من السرعة.

                                                                                                                                                                                                                                      أو هو أقرب من ذلك إذا أردنا، وقال الزجاج : أعلم الله أن البعث والإحياء في قدرته ومشيئته كلمح البصر أو هو أقرب، ليس يريد أن الساعة تأتي في أقرب من لمح البصر  ، ولكنه يصف سرعة القدرة على الإتيان بها متى شاء.

                                                                                                                                                                                                                                      يدل على هذا قوله: [ ص: 76 ] إن الله على كل شيء قدير .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا أي: أخرجكم جاهلين غير عالمين، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة خلق لكم الحواس التي بها تعلمون وتقفون على ما تجهلون، لعلكم تشكرون لكي تشكروا خالق هذه الحواس، فتعرفوا نعمته وقدرته.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر الدليل عليها، فقال: ألم يروا إلى الطير مسخرات مذللات، في جو السماء وهو الهواء، ما يمسكهن حتى لا يسقطن على الأرض، إلا الله وهذا كقوله: أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ، وقوله: والله جعل لكم من بيوتكم سكنا موضعا تسكنون فيه، قال ابن عباس ، ومجاهد : يعني المساكن من الحجر والمدر.

                                                                                                                                                                                                                                      يستر عوراتكم وحرمكم، وذلك أن الله خلق الخشب والمدر والآلة التي بها يمكن تسقيف البيوت وبناؤها،وجعل لكم من جلود الأنعام يعني الأنطاع والأدم، بيوتا يعني القباب والخيام، تستخفونها يوم ظعنكم يخف عليكم حملها في أسفاركم، وفيه قراءتان: تسكين العين، وتحريكها، وهما لغتان كالشعر والشعر، والنهر والنهر، ومعنى الظعن سير أهل البوادي لنجعة، أو حضور ماء، أو طلب مرتع، ويوم إقامتكم قال مقاتل : لا تثقل عليكم في الحالتين، ومن أصوافها وهي للضأن، وأوبارها وهي للإبل، وأشعارها وهي للمعز، أثاثا الأثاث أنواع المتاع من متاع البيت من الفرش، والأكسية، قال ابن عباس : يريد طنافس، وبسطا، وثيابا، وكسوة، ومتاعا يتمتعون به، إلى حين البلى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية