الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين  إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم  إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون  

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر قال مجاهد ، وقتادة : قالت قريش : إنما يعلم محمدا عبد لبني الحضرمي ، رومي، يقال له يعيش، صاحب كتاب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عبيد الله بن مسلم : كان لنا غلامان نصرانيان من أهل عين التمر ، اسم أحدهما يسار ، [ ص: 85 ] والآخر جبر ، وكانا صيقلين، يقرآن كتابا لهما بلسانهما، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر عليهما ويسمع قراءتهما، وكان المشركون يقولون: يتعلم منهما.

                                                                                                                                                                                                                                      فأكذبهم الله، فقال: لسان الذي يلحدون إليه أعجمي .

                                                                                                                                                                                                                                      الإلحاد معناه الميل، يقال: لحد وألحد إذا مال عن القصد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقراءة العامة بضم الياء، وقرئ بفتح الياء من لحد، والأولى ضم الياء لأنه لغة القرآن، يدل عليه قوله: ومن يرد فيه بإلحاد ويكون الإلحاد بمعنى الإمالة، وفسر الإلحاد في هذه الآية بالقولين، فقال الفراء : يميلون من الميل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج : لسان الذي يميلون القول إليه أعجمي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن قتيبة : أي يؤمنون إليه، ويزعمون أنه يعلمك أعجمي لا يفصح ولا يتكلم بالعربية، فكيف يتعلم منه ما هو في أعلى طبقات البيان.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو قوله: هذا يعني القرآن، لسان عربي مبين قال ابن عباس : أفصح ما يكون من العربية، وأبينه لسان سعد بن بكر بن هوازن .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم جعل المشركين هم الذين يفترون، فقال: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله قال الزجاج : إنما يفتري الكذب الذين إذا رأوا الآيات التي لا يقدر عليها إلا الله كذبوا بها، فهؤلاء أكذب الكذبة   .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم سماهم الكاذبين، وحصر فيهم الكذب، فقال: وأولئك هم الكاذبون أي أن الكذب نعت لازم لهم، وعادة من عاداتهم، وهذا كما تقول: كذبت وأنت كاذب، فيكون قولك: وأنت، زيادة في الوصف بالكذب.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الآية أبلغ زجر عن الكذب، حيث أخبر الله أنه إنما يفتري الكذب من لا يؤمن.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقري ، أنا أبو حفص عمر بن أحمد الجوزي ، أنا جدي محمد بن عمر بن حفص الزاهد ، أنا أبو بكر محمد بن الفرج الأزرق ، نا سعيد بن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري ، نا أبو زياد يزيد بن عبد الله ، نا يعلى بن الأشدق ، عن عبد الله بن جراد ، قال: قلت: يا رسول الله، المؤمن يزني؟ قال: قد يكون ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      قلت: يا رسول الله، المؤمن يسرق؟ قال: قد يكون ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      قال: قلت: يا رسول الله، المؤمن يكذب؟ قال: لا  ، قال الله تعالى: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله
                                                                                                                                                                                                                                      .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 86 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل ، أنا علي بن محمد بن سعيد بن العباس الرزاز ، نا أبو شعيب الحراني ، نا جدي، نا موسى بن أعين ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه، أنه قال: إياكم والكذب، فإن الكذب مجانب للإيمان  

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية