الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا  ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وإن منكم إلا واردها وما منكم أحد إلا وارد جهنم، كان على ربك كان ورودكم جهنم، حتما الحتم: إيجاب القضاء والقطع بالأمر، يقال: كان ذلك حتما، أي موجبا، مقضيا قضاه الله عليكم، وأكثر [ ص: 191 ] الناس على الحكم بظاهر الآية، وهو أن الخلق كلهم يردون النار، ثم ينجي الله المؤمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو القاسم بن حمدان ، نا محمد بن عبد الله بن نعيم الحافظ ، أنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، نا سعيد بن مسعود ، نا عبيد الله بن موسى ، أنا إسرائيل ، عن السدي ، قال: سألت مرة الهمداني ، عن قوله، تعالى: وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا  فحدثني أن عبد الله بن مسعود حدثهم، عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "يرد الناس النار، ثم يصدرون بأعمالهم، فأولهم كلمح البرق، ثم كمر الريح، ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب، ثم كشد الرجل، ثم كمشيه" ، وقال ابن عباس في هذه الآية: الورود الدخول، وأخذ بيد مجاهد ، وقال: أما أنا وأنت فسندخلها، وخاصة نافع بن الأزرق ، فقال: إن الشيء ربما ورد الشيء، ولكن لا يدخله، فقال ابن عباس : يا بن الأزرق ، أما أنا وأنت فسندخلها، فانظر هل ينجينا الله منها أم لا؟ وكان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه; قال: ليت أمي لم تلدني، ثم يبكي، قال: أخبرنا أنا واردوها، ولم نخبر أنا صادرون عنها، وبكى عبد الله بن رواحة ، وقال: آية نزلت ينبئني فيها ربي أني وارد النار ولم ينبئني أني صادر عنها، فذلك الذي أبكاني، وقال الحسن : كيف لا يحزن المؤمن؟ وقد حدث عن الله أنه وارد جهنم، ولم يأته أنه صادر منها، ثم إن الله، تعالى، قادر بلطفه أن يسلم المؤمنين منها إذا وردوها حتى يعبروا بها ويخرجوا منها سالمين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية