الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير
قوله: الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه الآية، قال يعني الكلبي: وأصحابه، [ ص: 231 ] يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعته وصفته ومبعثه واسمه في كتابهم كما يعرف أحدهم ولده إذا رآه مع الغلمان. عبد الله بن سلام
قال لأنا كنت أشد معرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم مني بابني. عبد الله بن سلام:
فقال له وكيف ذاك يا بن سلام؟ قال: لأني أشهد أن عمر بن الخطاب: محمدا رسول الله حقا ويقينا، وأنا لا أشهد بذلك على ابني، لأني لا أدري ما أحدثت النساء.
فقال عمر: وفقك الله يا بن سلام.
قوله: وإن فريقا منهم ليكتمون الحق يعني الذين يكتمون شأن محمد صلى الله عليه وسلم ونعته، وهم يعلمون لأن الله تعالى بين ذلك في كتابهم.
ثم قال: الحق من ربك أي: هذا الحق من ربك، فلا تكونن من الممترين الشاكين فيما أخبرتك من أمر القبلة وعناد من كتم النبوة، وامتناعهم من الإيمان بك.
و "المرية": الشك، ومنه الامتراء والتماري، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد: غيره من الشاكين.
قوله: ولكل وجهة أراد: ولكل أهل دين، و "الوجهة": اسم لكل متوجه إليه، وقوله: هو موليها قال هو ضمير لكل، والمعنى: كل هو موليها وجهه، أي: مستقبلها بوجهه. الزجاج:
وقرأ ابن عامر (هو مولاها )، أي: مصروف إليها، والمعنى: كل ولي جهة.
وقوله: فاستبقوا الخيرات قال يقول: تنافسوا فيما رغبتكم فيه من الخير، فلكل عندي ثوابه. ابن عباس:
وقال أي: فبادروا إلى القبول من الله عز وجل، وولوا وجوهكم حيث أمركم الله أن تولوا. الزجاج:
وقوله أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا أي: أينما تكونوا يجمعكم الله للحساب فيجزيكم بأعمالكم.