الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون  الحق من ربك فلا تكونن من الممترين  ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه الآية، قال الكلبي: يعني عبد الله بن سلام وأصحابه، [ ص: 231 ] يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعته وصفته ومبعثه واسمه في كتابهم كما يعرف أحدهم ولده إذا رآه مع الغلمان.

                                                                                                                                                                                                                                      قال عبد الله بن سلام: لأنا كنت أشد معرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم مني بابني.

                                                                                                                                                                                                                                      فقال له عمر بن الخطاب: وكيف ذاك يا بن سلام؟ قال: لأني أشهد أن محمدا رسول الله حقا ويقينا، وأنا لا أشهد بذلك على ابني، لأني لا أدري ما أحدثت النساء.

                                                                                                                                                                                                                                      فقال عمر: وفقك الله يا بن سلام.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وإن فريقا منهم ليكتمون الحق يعني الذين يكتمون شأن محمد صلى الله عليه وسلم ونعته، وهم يعلمون لأن الله تعالى بين ذلك في كتابهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم قال: الحق من ربك أي: هذا الحق من ربك، فلا تكونن من الممترين الشاكين فيما أخبرتك من أمر القبلة وعناد من كتم النبوة، وامتناعهم من الإيمان بك.

                                                                                                                                                                                                                                      و "المرية": الشك، ومنه الامتراء والتماري، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد: غيره من الشاكين.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ولكل وجهة أراد: ولكل أهل دين، و "الوجهة": اسم لكل متوجه إليه، وقوله: هو موليها قال الزجاج: هو ضمير لكل، والمعنى: كل هو موليها وجهه، أي: مستقبلها بوجهه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن عامر (هو مولاها )، أي: مصروف إليها، والمعنى: كل ولي جهة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فاستبقوا الخيرات قال ابن عباس: يقول: تنافسوا فيما رغبتكم فيه من الخير، فلكل عندي ثوابه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج: أي: فبادروا إلى القبول من الله عز وجل، وولوا وجوهكم حيث أمركم الله أن تولوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا أي: أينما تكونوا يجمعكم الله للحساب فيجزيكم بأعمالكم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية