ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى
قوله: ولقد عهدنا إلى آدم أي: أمرناه وأوصينا إليه أن لا يأكل من الشجرة، من قبل هؤلاء الذين نقضوا عهدي، وتركوا الإيمان بي، وهم الذين ذكر في قوله: لعلهم يتقون والمعنى أنهم إن نقضوا العهد، فإن آدم أيضا عهدنا إليه، [ ص: 224 ] فنسي قال ابن عباس، ومجاهد، ترك عهدي وما أمر به. والسدي:
ولم نجد له عزما معنى العزم في اللغة: توطين النفس على الفعل، قال لم نجد له حفظا لما أمر به. عطية العوفي:
وقال صبرا عما نهي عنه. الحسن:
وقال رأيا معزوما عليه. ابن قتيبة:
حيث أطاع عدوه إبليس الذي حسده، وأبى أن يسجد له، وقال فقال الله: الحسن: ولم نجد له عزما .
أخبرنا أحمد بن عبيد الله بن أحمد المخلدي، نا أحمد بن إسماعيل بن يحيى بن حازم، نا كامل بن مكرم، نا جبريل بن مجاع، نا نا إبراهيم بن يوسف، عن وكيع، أبي فضالة، عن عن لقمان بن عامر، قال: لو أن أحلام بني آدم وضعت في كفة ووضع حلم أبي أمامة الباهلي، آدم لرجح حلمه حلمهم، ثم قرأ فنسي ولم نجد له عزما وما بعد هذا تقدم تفسيره إلى قوله: فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى قال يريد شقاء الدنيا ونصبها. عطاء:
وقال عنى به شقاء الدنيا لا ترى ابن آدم إلا ناصبا شقيا. الحسن:
وقال يعني الحرث والزرع، والعجن والخبز، ولم يقل فتشقيا؛ لأن أول الآية خطاب لآدم. السدي:
إن لك يا آدم، ألا تجوع في الجنة، ولا تعرى وعده الله في الجنة الشبع والاكتساء، وألا يصيبه فيها عطش ولا حر.
وهو قوله: وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ومن قرأ وإنك بالكسر فعلى الاستئناف وعطف جملة كلام على جملة، والظمأ مصدر قولك: ظمأ يظمأ إذا عطش، ويقال: ضحى الرجل يضحى ضحا وضحيا إذا أبرز الشمس فأصابه حرها، قال الضحاك، عن يقول: لا تعطش فيها كما يعطش أهل الدنيا، ولا يصيبك فيها حر كما يصيب أهل الدنيا. ابن عباس:
والمعنى: لا تبرز للشمس فيؤذيك حرها؛ لأنه ليس في الجنة شمس، إنما هو ظل ممدود.
فوسوس إليه الشيطان كقوله: فوسوس لهما الشيطان وقد تقدم، قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد على شجرة من أكل منها لم يمت، وملك لا يبلى جديد ولا يفنى، وهذا كقوله: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الآية، وما بعد هذا مفسر في سورة الأعراف إلى قوله: وعصى آدم ربه أي: بأكل الشجرة التي نهي عنها، فغوى أي: فعل ما لم يكن له فعله، وقيل: ضل، حيث طلب الخلد والملك بأكل ما نهي عن أكله، هذان قولان حكاهما المفسرون، وقال ابن الأعرابي: الغي الفساد.
ومعنى فغوى هاهنا: فسد عليه عيشه، قال أكل آدم من الشجرة التي نهي عنها باستزلال إبليس وخدائعه، والقسم له بالله أنه لمن الناصحين، حتى دلاه بغروره، ولم يكن ذنبه عن اعتقاد متقدم، ونية صحيحة، فنحن نقول عصى آدم وغوى كما قال الله، ولا نقول آدم عاص وغاو كما تقول لرجل قطع ثوبه وخاطه: قد قطعه وخاطه ولا، نقول: هو خياط، حتى يكون معاودا لذلك الفعل، معروفا به. ابن قتيبة:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، أنا نا أبو بكر محمد بن جعفر بن الهيثم الأنباري، محمد بن أبي العوام، نا نا محمد بن عبد العزيز الرملي، سليمان بن حبان الأحمر، نا عن ابن أبي ذباب، سعيد بن [ ص: 225 ] أبي سعيد، عن ويزيد بن هرمز، قال: أبي هريرة، موسى آدم، فقال: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسكنك الجنة، وأمر الملائكة فسجدوا لك، فأخرجت الناس من الجنة بذنبك وخطيئتك، فقال له آدم: وأنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته، وأنزل عليك التوراة، فيها تبيان كل شيء فيكم، وجدت الله كتب التوراة قبل أن يخلقني، قال: بأربعين سنة، قال: فوجدت فيها: وعصى آدم ربه فغوى قال: نعم، قال: آدم موسى، أفتلومني أن أعمل عملا قد كتبه علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فحج رواه قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لقي عن مسلم، عن إسحاق بن موسى الأنصاري، عن أنس بن عياض، ابن أبي ذباب ثم اجتباه ربه قال قوله: اصطفاه. ابن عباس:
فتاب عليه فعاد عليه بالعفو، وهدى هداه للتوبة حتى قال: ربنا ظلمنا أنفسنا الآية.