الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون  فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: كما أرسلنا فيكم الآية، هذه "الكاف" تتعلق بما قبله، على تقدير: ولأتم نعمتي عليكم كإرسالي إليكم رسولا، أي: أتم هذه كما أتممت تلك، وذلك أن إبراهيم عليه السلام دعا بدعوتين: إحداهما: قوله: ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا الآية، والثانية: قوله: ربنا وابعث فيهم رسولا منهم الآية، فالله تعالى قال: كما أجبت دعوته بابتعاث الرسول، كذلك أجيب دعوته بأن أهديكم لدينه وأجعلكم مسلمين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: رسولا منكم تعرفونه بأصله ونسبه، وباقي الآية مفسر.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 234 ] قوله: فاذكروني أذكركم قال ابن عباس، وسعيد بن جبير: اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي أن عبد الملك كتب إلى سعيد بن جبير في مسائل، فقال في جوابها: وتسأل عن الذكر، الذكر: طاعة الله، فمن أطاع الله فقد ذكر الله، ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن أكثر التسبيح وتلاوة الكتاب، وتسأل عن قول الله تعالى: فاذكروني أذكركم  فإن ذلك أن الله يقول: اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي.

                                                                                                                                                                                                                                      ويشهد لصحة هذا ما

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا سعيد بن العباس القرشي، فيما كتب إلي، أن العباس بن الفضل أخبره عن أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن سعيد بن منصور، حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب، عن أبي هانئ الخولاني، عن خالد بن أبي عمران قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أطاع الله فقد ذكر الله، وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن،  ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن" [ ص: 235 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر المعروف بحفدة الخشاب، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الأصفهاني، أخبرنا محمد بن إسحاق، حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي،  وأنا معه حين يذكرني وإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، وإن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ". .. رواه مسلم عن...، رواه البخاري، عن عمر بن حفص، عن أبيه عن الأعمش وقوله: واشكروا لي تقول العرب: شكرته وشكرت له، ونصحته ونصحت له.

                                                                                                                                                                                                                                      روى سعيد المقبري، عن أبيه، عن عبد الله بن سلام: أن موسى قال لربه: يا رب ما الشكر الذي ينبغي لك؟ قال: يا موسى لا يزال لسانك رطبا من ذكري.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية