إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم
قوله: إن الصفا والمروة من شعائر الله هما جبلان معروفان بمكة، و شعائر الله : متعبداته التي [ ص: 242 ] أشعرها الله، أي: جعلها أعلاما لنا، وهي كل ما كان من موقف أو مسعى أو منحر، فمن حج البيت أصل زيارة شيء تعظمه، قال الحج في اللغة: أهل الحج: القصد، وكل من قصد شيئا فقد حجه. الزجاج:
وقوله: أو اعتمر قال أي: قصد. الزجاج:
وقال غيره: زاره.
فلا جناح عليه أي: لا إثم عليه، ولا حرج ولا ذنب، أن يطوف بهما .
أخبرنا منصور بن عبد الوهاب البزار، أخبرنا محمد بن أحمد بن سنان، أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب، حدثنا محمد بن بكار، حدثنا عن إسماعيل بن زكريا، عاصم، عن قال: كانوا يمسكون عن الطواف بين أنس بن مالك الصفا والمروة، وكانا من شعائر الجاهلية وكنا نتقي الطواف بهما فأنزل الله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما الآية.
رواه عن البخاري أحمد بن محمد، عن عبد الله، عن عاصم أخبرني سعيد بن العباس القرشي، أخبرنا العباس بن المفضل النضروي، أخبرنا حدثنا أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، هشيم، عن داود، عن قال: كان لأهل الجاهلية صنمان، يقال لأحدهما: يساف. الشعبي،
وللآخر: نائلة.
وكان يساف على الصفا، وكان نائلة على [ ص: 243 ] المروة، وكانوا إذا طافوا بين الصفا والمروة مسحوهما، فلما جاء الإسلام قالوا: إنما كان أهل الجاهلية يطوفون بينهما لمكان هذين الصنمين وليسا من شعائر الحج.
فأنزل الله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله ، فجعلهما الله من شعائر الحج.
والآية بظاهرها تدل على إباحة ما كرهوه، ولكن السنة أوجبت الطواف بينهما والسعي، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس كتب عليكم السعي فاسعوا" .
وهو مذهب رحمه الله. الشافعي
وقوله: ومن تطوع خيرا قال يعني به الدين كله، والمعنى: فعل غير المفترض عليه من طواف وصلاة وزكاة ونوع من الطاعة. الحسن:
وقرأ ومن يطوع بالياء وجزم العين، وتقديره: يتطوع، إلا أن التاء أدغمت في الطاء لمقاربتهما، وهذا حسن لأن المعنى على الاستقبال والشرط والجزاء، الأحسن فيهما الاستقبال، وإن كان يجوز أن تقول: من أتاك أعطيته. حمزة
فتوقع الماضي موضع المستقبل في الجزاء، إلا أن اللفظ إذا كان وفق المعنى كان أحسن.
وقوله: فإن الله شاكر أي: مجاز له بعمله، ومعنى الشاكر في وصف الله: المجازي على الطاعة بالثواب، عليم بنية المتطوع.
[ ص: 244 ]