قوله: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين السلالة ما يسل من الشيء، أي ينزع ويستخرج، يقال للنطفة سلالة، وللولد سليل، قال ابن عباس في رواية ابن يحيى الأعرج: السلالة صفو الماء.
وقال مجاهد: مني بني آدم.
وقال عكرمة: هو الماء يسل من الظهر سلا.
والمراد بالإنسان ولد آدم، وهو اسم الجنس يقع على الجميع، وقوله: من طين يعني طين آدم، والسلالة إنما تولدت من طين خلق آدم، كما قال الكلبي: يقول من نطفة سلت سلا، النطفة من طين، والطين آدم.
ثم جعلناه يعني: ابن آدم الذي هو الإنسان، نطفة في قرار مكين يعني: الرحم، مكن فيه الماء بأن هيئ لاستقراره فيه إلى بلوغ أمده الذي جعل له.
ثم خلقنا النطفة علقة مفسر في سورة الحج إلى قوله: فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما 44 وقرئ كلاهما عظما على الواحد، قال الزجاج: التوحيد والجمع جائزان، والواحد يدل على الجمع كما قال الشاعر:
في خلقكم عظم وقد شجينا
[ ص: 286 ] يريد في خلوقكم عظام.
وقوله: ثم أنشأناه خلقا آخر قال ابن عباس: يعني الروح فيه.
وذلك أنه كان عظما ولحما مواتا، فلما جعل فيه الروح صار خلقا آخر، وهو قول السدي، ومجاهد، والشعبي، وعكرمة، والأكثرين.
وعن مجاهد أيضا، قال: هو أن يستوي شبابه.
وهو قول الضحاك، وقال قتادة: يعني نبات الشعر والأسنان.
وقال الحسن: يعني ذكر وأنثى.
وقوله: فتبارك الله أي: استحق التعظيم والثناء بأنه لم يزل ولا يزال أحسن الخالقين المصورين والمقدرين، والخلق في اللغة: التقدير، يقال: خلقت الأديم إذا قسته لتصنع منه شيئا.
وقال حذيفة في هذه الآية: يصنعون ويصنع، والله خير الصانعين.
يقال: رجل خالق، أي صانع.
ثم إنكم بعد ذلك بعد ما ذكر من تمام الخلق، لميتون عند آجالكم، ثم إنكم يوم القيامة تبعثون للجزاء والحساب.


