وأنزلنا من السماء ماء بقدر أي: بقدر يعلمه الله، وقال بقدر ما يكفيهم للمعيشة. مقاتل:
فأسكناه في الأرض يريد ما يبقى في الغدران والمستنقعات والدحلان، أقر الله الماء فيها لينتفع به الناس في الصيف عند انقطاع المطر.
أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين النقيب، أنا جدي، أنا محمد بن الحسين البزار، نا عثمان بن سعيد، نا سعيد بن سابق الإسكندراني، نا عن مسلمة بن علي، عن مقاتل بن حيان، عن عكرمة، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: ابن عباس، " إن سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة، والفرات وهما نهرا الله أنزل من الجنة خمسة أنهار؛ العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل، استودعها الجبال، وأجراها في الأرض، وجعل فيها منافع للناس في أصناف معايشهم، فذلك قوله، عز وجل وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض ، فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج؛ أرسل الله جبريل فرفع من الأرض القرآن والعلم كله والحجر الأسود من ركن البيت ومقام إبراهيم وتابوت موسى بما فيه وهذه الأنهار الخمسة، ويرفع كل ذلك إلى السماء، وذلك قوله: وإنا على ذهاب به لقادرون فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والدين، هذا الحديث رواه الإمام أبو العباس الحسن بن سفيان، عن عثمان بن سعيد، بالإجازة، أنا سعيد بن محمد بن أحمد العدل، أنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري، أنا قال: وجدت فيما أجاز لي الحسن بن سفيان عثمان بن سعيد، أنا سعيد بن سابق الإسكندراني، فذكر الحديث، ثم ذكر الله، تعالى، ما أنبت من السماء، فقال: فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون وشجرة عطف على قوله: جنات والمفسرون كلهم يقولون؛ يعني: شجرة الزيتون، وخصت بالذكر؛ لأنه لا يتعاهدها أحد بالسقي وهي تخرج الثمرة التي يكون منها الدهن الذي تعظم به المنفعة فذكرت النعمة فيها وقوله: تخرج من طور سيناء قرئ بفتح السين وكسرها، وهي نبطية في قول الضحاك، وحبشية في قول عكرمة، وهي اسم المكان الذي به هذا الجبل في أصح الأقوال، وسيناء في قول اسم حجارة بعينها، أضيف الجبل إليها لوجودها عنده. مجاهد:
وقال طور سيناء الجبل المشجر. الكلبي:
وقال يريد الجبل الحسن. عطاء:
وقوله: تنبت بالدهن أي: تنبته لأنه يعصر من الزيتون الزيت، والباء في بالدهن للتعدي، يقال: أنبته ونبت به.
ومن قرأ تنبت بضم التاء، فإن جعلت أنبت بمعنى كقول زهير:
حتى إذا أنبت البقل
فهذه القراءة كالأول سواء، وإن جعلت تنبت من الإنبات الذي هو مضارع أنبت، فالباء في بالدهن زيادة كزيادتها [ ص: 288 ] في قوله: ولا تلقوا بأيديكم .
وقوله: وصبغ للآكلين الصبغ والصباغ ما يصطبغ به من الأدم، وذلك أن الخبز يلون بالصبغ إذا غمس فيه، والاصطباغ بالزيت المغمس فيه للائتدام به، والمراد بالصبغ بالزيت في قول ابن عباس: فإنه يدهن به ويؤتدم.
وقال جعل الله في هذه الشجرة أدما ودهنا، فالأدم الزيتون، والدهن الزيت. مقاتل:
قوله: وإن لكم في الأنعام لعبرة مفسرة في سورة النحل إلى قوله: ولكم فيها منافع كثيرة 44 يعني: في ظهورها وألبانها وأولادها وأصوافها وأشعارها.
ومنها تأكلون من لحومها وأولادها والكسب عليها.
وعليها يريد الإبل خاصة، وعلى الفلك تحملون قال ما في البحر فالسفن، وما في البر فالإبل. الكلبي:
وهذا كقوله: وحملناهم في البر والبحر .