قوله: ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من [ ص: 324 ] برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار
ألم تر أن الله يزجي سحابا يسوقه سوقا رقيقا، ثم يؤلف بينه يضم بعضه إلى بعض، أي: يجعل القطع المتفرقة منه قطعة واحدة، ثم يجعله ركاما يجعل بعضه يركب بعضا، فترى الودق القطر والمطر، قال الليث: الودق المطر كله شديده وهينه.
يخرج من خلاله جمع خلل وهو مخارج القطر، وقوله: وينزل من السماء من جبال فيها من برد أي: من جبال في السماء، وتلك الجبال من برد، قال أخبر الله أن في السماء جبالا من برد. ابن عباس:
ومفعول الإنزال محذوف، والتقدير وينزل من السماء من جبال من برد فيها بردا، فاستغنى عن ذكر المفعول للدلالة عليه، ومن الأولى لابتداء الغاية؛ لأن ابتداء الإنزال من السماء، والثانية للتبعيض؛ لأن ما ينزله الله بعض تلك الجبال التي في السماء، والثالثة لتبيين الجنس؛ لأن جنس تلك الجبال التي في السماء جنس البرد، فيصيب به بالبرد، من يشاء فيضره في زرعه وثمرته، ويصرفه عن من يشاء فلا يضره في زرعه وثمرته، يكاد سنا برقه يقرب ضوء برق السحاب من أن يذهب بالبصر ويخطفه لشدة لمعانه كما قال: يكاد البرق يخطف أبصارهم والسنا: الضوء، مثل سنا النار، وسنا البدر، وسنا البرق.
وقال يكاد ضوء البرق يلتمع البصر فيذهب به. السدي:
قوله: يقلب الله الليل والنهار يعني: يأتي بالليل ويذهب بالنهار ويأتي بالنهار ويذهب بالليل.
إن في ذلك التقليب، لعبرة لأولي الأبصار لدلالة لأهل العقول والبصائر على قدرة الله وتوحيده.
أخبرنا عمرو بن أبي عمرو المزكي، أنا محمد بن مكي، أنا أحمد بن يوسف، أنا محمد بن إسماعيل، نا الحميدي، سفيان الزهري، عن عن سعيد بن المسيب، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال الله: أبي هريرة، "يؤذيني ابن آدم؛ يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"