وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا
وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته سبق الكلام فيه في سورة الأعراف وقوله: وأنزلنا من السماء ماء طهورا قال الأزهري: الطهور في اللغة الطاهر المطهر، والطهور ما يتطهر به، كالوضوء الذي يتوضأ به، والفطور ما يفطر عليه، ومنه الحديث: "هو الطهور ماؤه". قال يريد المطر. ابن عباس:
وقال طهورا للمؤمنين مقاتل: لنحيي به بلدة ميتا لنحيي بالمطر بلدة ليس فيها نبت، قال لنخرج به النبات والثمار، وإنما قال ميتا لأنه أريد بالبلدة المكان. ابن عباس:
ونسقيه مما خلقنا أنعاما أي: ونسقي من ذلك الماء أنعاما وبشرا كثيرا، وهو قوله: وأناسي كثيرا واحدها إنس.
ولقد صرفناه بينهم أي: صرفنا الماء المنزل من السماء مرة لبلدة ومرة لبلدة أخرى.
قال ما عام بأمطر من عام، ولكن الله يصرفه في الأرض. ابن عباس:
ثم قرأ هذه الآية، وهذا كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "ما من سنة بأمطر من أخرى ولكن إذا عمل قوم [ ص: 343 ] بالمعاصي حول الله ذلك إلى غيرهم، فإذا عصوا جميعا صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار" .
وقوله: ليذكروا أي: ليتفكروا في قدرة الله وموضع النعمة منه بما أحيا بلادهم به من الغيث، ويحمدوه على ذلك.
ومن قرأ بالتخفيف فمعناه: ليذكروا موضع النعمة به فيشكروه، فأبى أكثر الناس إلا كفورا إلا كفرا بالله وبنعمته، وهم الذين يقولون: مطرنا بنوء كذا.