الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين  وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين  واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين  قالوا إنما أنت من المسحرين  وما [ ص: 362 ] أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين  فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون  فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم  إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين  وإن ربك لهو العزيز الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تكونوا من المخسرين أي: من الناقصين للكيل والوزن، يقال: أخسرت الكيل والوزن، أي أنقصته، ومنه قوله تعالى: وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والجبلة الأولين الجبلة الخليقة، يعني الأمم المتقدمين قبلهم، لما أمرهم بإتمام الكيل والوزن وتقوى الله، كذبوه وسألوه العذاب إن كان صادقا.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو قوله: فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين ومضى تفسير هذا.

                                                                                                                                                                                                                                      قال شعيب: ربي أعلم بما تعملون أي: من نقصان الكيل والوزن، والمعنى: إنه أعلم به، فهو مجازيكم ومعذبكم إن شاء، وليس عندي العذاب.

                                                                                                                                                                                                                                      فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة قال المفسرون: بعث الله عليهم حرا شديدا أخذ أنفاسهم، فدخلوا أجواف البيوت، فدخل عليهم الحر فأخذ بأنفاسهم، فخرجوا من البيوت هربا إلى البرية، فبعث الله عليهم سحابا أظلتهم من الشمس، فوجدوا لها بردا، ونادى بعضهم بعضا حتى إذا اجتمعوا تحتها أرسل الله عليهم نارا فكان من أعظم يوم في الدنيا عذابا.

                                                                                                                                                                                                                                      فذلك قوله: إنه كان عذاب يوم عظيم ومعنى الظلة هاهنا السحاب التي قد أظلتهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية