وأما قول ألا ترى أن الشيخ إذا زنى وقد أحصن جلد ورجم ، وإذا لم يحصن جلد ، ففيه أيضا الدليل على صحة ما قلنا من أن عمر: زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة" ، إنما هو إذا كانا قد أحصنا ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان أمر برجم الشيخين محصنين كانا أو غير محصنين ، لم يكن تأويل خبر مع سماعه ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يقول: وإذا لم يحصنا جلدا ، فيبطل عنهما الرجم ، مع علمه بحكم الله فيهما بالرجم فإن قال قائل: فما وجه قول عمر ألا ترى أن الشيخ إذا زنى وقد أحصن جلد ورجم؟ قيل: ذلك قول قد ذكرناه عن أبي أنه كان يوافقه عليه ، وذكرنا فيما مضى من كتابنا هذا عمر: عليا رحمة الله عليه كان يرى جلد الزاني المحصن ثم رجمه -شابا كان أو شيخا -وقد خالف ذلك من قوله جماعة من السلف وعامة من الخلف ، وقالوا: لم نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك بأحد ممن رجمه في عهده ، بل كان يرجم المحصن إذا زنى شيخا كان أو شابا ، ويجلد البكر شابا كان أو شيخا [ ص: 878 ] قالوا: ولو كانت أحكام الشيوخ في ذلك مخالفة أحكام الشباب ، أو كان الواجب على المحصن الزاني الجلد والرجم لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يدع جلد من رجم من الزناة في عهده ، فقد رجم جماعة ، منهم: أن ماعز بن مالك الأسلمي ، والجهنية والغامدية وغيرهم ، فلم يذكر أنه جلد أحدا منهم وقد: