الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              تهذيب الآثار للطبري

              الطبري - محمد بن جرير الطبري

              صفحة جزء
              وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته: "ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين، بين أن يأخذ العقل أو يقتل"،  فإنه يعني بأخذ العقل، أخذ الدية، يقال منه: "عقل عن فلان عشيرته"، إذا أعطوا عنه دية قتيله، وعقل فلان عن فلان: إذا غرم عنه دية جنايته. ويقال: "بنو فلان على معاقلهم"، يعني بذلك على دياتهم التي كانوا عليها في الجاهلية، وواحدة المعاقل معقلة ويقال: "صار دم فلان معقلة على قومه"، أي صاروا يدونه في القتل، فصاروا غرماء ويقال للقوم الذين تقسم عليهم الدية ليؤدوها من [ ص: 49 ] أموالهم: عاقلة، ومن العقل بهذا المعنى، أعني بمعنى الدية، قول نابغة بني ذبيان:

              لما رأى واشق إقعاص صاحبه ولا سبيل إلى عقل ولا قود

              يعني بالعقل: الدية. والعقل أيضا، بسكون القاف: ضرب من الوشي، والعقل أيضا بسكون القاف: أن يستمسك بطن الرجل، يقال منه: "عقل الطعام بطنه، فهو يعقله عقلا"، ويقال: "أعطني عقولا أشربه"، فيعطى دواء يمسك بطنه، والعقل أيضا: العقل الذي هو خلاف الحمق، والعقل أيضا: أن تعقل يد البعير، وهو أن يشد وظيفه إلى ذراعه، والعقل بحركة العين والقاف: غير ذلك كله، وهو أن يفرط الروح في الرجلين حتى يصطك العرقوبان، ومنه قول الجعدي.

              . . . . . . . . . . . . . . . . .     مفروشة الرجل فرشا لم يكن عقلا



              [ ص: 50 ] يقال: ناقة عقلاء، وبعير أعقل بين العقل، إذا كان كذلك.

              التالي السابق


              الخدمات العلمية