[ ص: 52 ] وأما قول عطاء: في الدوحة يصيبها المحرم بقرة، فإن "الدوحة": كل شجرة عظيمة، تجمع دوحا، كما قال امرؤ القيس بن حجر:
فأضحى يسح الماء عن كل فيقة يكب على الأذقان دوح الكنهبل
- يعني بدوح الكنهبل عظامها -، والكنهبل: العضاه .وأما قول الأعرابي لعمر رضوان الله عليه: "ما حملني على ذلك إلا أن معي نضوا لي"، - يعني بالنضو: بعيرا مسنا هزيلا -. وأصل "النضو": كل شيء يخلق، فشبه هذا الأعرابي بعيره في هزاله ومرور الأزمنة عليه بالشيء الخلق، يجره معه ، ومن النضو قول في صفة حية يشبهها بحبل القربة الخلق: ذي الرمة
ومن حنش ذعف اللعاب كأنه على الشرك العادي نضو عصام
[ ص: 53 ] وأما قول "أرى أن يؤخذ برمته، ثم يخرج من مجاهد: الحرم "، فإنه يعني بقوله: "برمته" بالقطعة من الحبل الذي هو به موثق، ومن ذلك سمي غيلان بن عقبة: ذا الرمة ، وذلك أنه فيما ذكر كان خشي عليه وهو صبي المس، فأتي به بعض الحي، فكتب له معاذة فعلقت في عنقه أو عضده، وشدت بخيط. وقيل: بل سمي بذلك لبيت قاله في أرجوزة له يصف وتدا:
أشعث باقي رمة التقليد نعم فأنت اليوم كالمعمود
فلقد أنى لك أن تودع خلة رثت، وعاد حبالها أرماما
[ ص: 54 ] وأما قول عطاء: لا بأس أن يؤخذ من شجر الحرم وما عفا للسواك، فإنه يعني بقوله: ما عفا: ما فضل عنها من أغصانها وفروعها، من قولهم: قد عفا مال فلان، إذا كثر وصار فاضلا عن حاجته، ومنه قول الله جل ثناؤه: ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا [الأعراف: 95] يعني بقوله: حتى عفوا حتى كثروا .
وأما قول وائل بن حجر: "كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل رجل يقوده رجل بنسعة"، فإنه يعني بالنسعة السير المضفور من الجلود.
وأما قول المقود بالنسعة: فإنه يعني القرن: قرن الرأس، وللرأس قرنان، وهما حرفا الهامة المشرفان عن يمين وشمال، والهامة بينهما، فهي أعلى الرأس بين القرنين . "فضربته بالفأس على قرنه"،
[ ص: 55 ]